في وقت يتزايد فيه نفوذ بكين، السياسي والاقتصادي عالميًا، تسعى إلى وقف إطلاق النار وتسوية الصراع الروسي الأوكراني.
ومع احتدام الصراع بين موسكو وكييف، انتشرت تقارير تُشير إلى مشاركة قوات من كوريا الشمالية مع روسيا في صراعها مع أوكرانيا، ودعت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية الصين إلى استخدام نفوذها على روسيا وكوريا الشمالية لمنع التصعيد.
هل تنجح واشنطن؟
مع تغير موقف الولايات المتحدة واعترافها بالنفوذ الصيني، هل تنجح واشنطن في اختراق بكين لأول مرة، والضغط عليها في منع قوات كوريا الشمالية من المشاركة في القتال لصالح روسيا؟
وقال الدكتور رامي القليوبي، أستاذ زائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، إن واشنطن لن تنجح في منع وجود ومشاركة جنود من كوريا الشمالية في القتال لصالح روسيا خلال الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة أن جنود كوريا الشمالية سيقاتلون لصالح روسيا في منطقة كورسك الروسية، وهي أراضٍ روسية معترف بها دوليًا، وبالتالي لا يمكن لأي من الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية منع روسيا وكوريا الشمالية من ذلك.
واستبعد القليوبي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، قيام روسيا بخطوة إشراك جنود من كوريا الشمالية ونقلهم إلى داخل الأراضي الأوكرانية، موضحًا أنه في هذه الحالة من الممكن أن تتدخل الصين كما أن روسيا لن تقدم على هذه الخطوة.
وأشار المتحدث إلى أنه من الوارد أن تخترق واشنطن الصين والتأثير عليها بهدف الضغط على روسيا وكوريا الشمالية لسحب قوات الأخيرة من روسيا، خاصة أن الصين عام 1980 انضمت إلى دورة الألعاب الأولمبية في موسكو في الوقت نفسه الذي كانت تساند فيه المجاهدين الأفغان في مواجهة روسيا، كما أن الصين تدعم روسيا في إقامة عالم متعدد الأقطاب، ولكنها لا تسلح روسيا خلال الحرب الروسية الأوكرانية ولا تدعمها بشكل مباشر.
تفاهمات صينية أمريكية
من ناحيته، أكد إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيو إستراتيجي للدراسات، وجود تفاهمات صينية أمريكية حول دخول جنود من كوريا الشمالية والانضمام إلى صفوف القوات الروسية خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ويمكن أن تلجأ الولايات المتحدة الأمريكية للصين بهدف الضغط على كوريا الشمالية.
وأضاف كابان، لـ"إرم نيوز"، أن بكين تملك قدرة التأثير على كوريا الشمالية نظرًا لوجود علاقات إستراتيجية قديمة بينها وبين الصين، وأن الغرب وأمريكا يحاولان استغلال هذه الإستراتيجية للتأثير على قرارات كوريا الشمالية خاصة في دعم موسكو، وبالتالي إذا تدخلت الصين بإمكانها أن تساعد.
وأوضح المحلل أن مساعدة كوريا الشمالية لروسيا يضع العلاقات الدولية على المحك؛ لأنه لا يستهان بدورها النووي في المنطقة، كما أن تحركها لدعم الروس في حربها ضد أوكرانيا يهدد أمن الدول الغربية وبالتالي ستدخل العلاقات الدولية في منحنى غير جيد.
تحييد كوريا الشمالية
وأشار كابان إلى أن بكين تعد الأكثر تأثيرًا في تحييد كوريا الشمالية عن تحركاتها في دعم موسكو، كما أن بإمكانها التأثير على موسكو وليس كوريا الشمالية فقط.
وقال المتحدث: "من الممكن أن تؤدي الصين هذا الدور المميز بغض النظر عن مستوى جودة العلاقات الغربية الأمريكية الصينية، بينما هناك علاقات اقتصادية متطورة جدًا بينهما، إذ تملك الصين أكبر علاقات اقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وبالتالي من مصلحة الصين مراعاة تلك العلاقات وممارسة المزيد من الضغط على كوريا الشمالية لصالح علاقاتها".
وأشار إلى المقايضات، قائلا إن الإشكاليات بين الصين وأمريكا في المحيط الهندي وتايوان والعلاقة مع اليابان وكوريا الجنوبية، كلها ملفات تهم الصين بدرجة كبيرة، وحين تدخل بكين في حل تلك المسألة فهي ستكسب الود الأمريكي والغربي، ما قد يساعد على تخفيف الضغوطات التي تتعرض لها الصين من قبل دول النمور الآسيوية.