حقق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وفريقه القانوني ما يمثل "انتصاراً سياسياً" في نهاية مسار قضائي طويل ومعقد استمر قرابة ثلاث سنوات.
وأصدر قاضي محكمة مانهاتن قرارًا بإطلاق السراح غير المشروط في القضية التي يلاحق فيها ترامب والخاصة بـ"شراء الصمت الانتخابي".
وترتبط القضية بدفع مبالغ مالية للممثلة الإباحية السابقة "دانيال ستورمز" في حملة انتخابات الرئاسة للعام 2016.
وكان قاضي المحكمة خوان ميرشان أعلن قبل جلسة الاستماع للحكم أنه لن يصدر أي أحكام تقضي بسجن الرئيس المنتخب أو تغريمه أو إلزامه بأي صورة من صور الخدمة العامة.
وأعطى هذا الأمر انطباعاً مريحاً لفريق ترامب القانوني بأن هذا النوع من العقوبات سيكون بعيداً عن أن يشكل عقبة في طريق عودة الرئيس المنتخب إلى البيت الأبيض، وبداية ولاية جديدة بعد عشرة أيام من اليوم.
الكثير من الاستثناءات سجلها التاريخ الأمريكي من خلال جلسة النطق بالحكم، وأولها أنها المرة الأولى التي يقف فيها رئيس منتخب أمام القضاء ليحاكم في قضية جنائية ويواجه فيها أحكامًا قضائية في الفترة الانتقالية الفاصلة بين انتخابه رئيسًا وأدائه اليمين الدستورية.
وبصرف النظر عن ذلك الحق المتاح للرئيس ترامب وفريق دفاعه في استئناف القضية لاحقًا، ولكن ليس قبل أسابيع وشهور من موعد صدور الحكم اليوم، سيكون ترامب بفعل الحكم الصادر أول رئيس في التاريخ الأمريكي يدخل البيت الأبيض بأحكام إدانة قضائية عندما يُنصَّب في العشرين من الشهر الحالي.
وسعى ترامب وفريق دفاعه بكل ما يملكون من وسائل قانونية من أجل منع حصول هذه الحالة، وذلك من خلال توجيه طلبات التأجيل للقاضي المكلف بمتابعة القضية إلى وقت لاحق.
وقد رفضت محكمة مانهاتن ذلك، ليلجأ بعدها ترامب للمحكمة العليا في محاولة لاستمالة أعضائها وتأييد طلبه بالتأجيل، إلا أن الأخيرة، وفي ساعات الليلة الماضية، قضت بأنها لن تتدخل في مسألة التأجيل، ما جعل ترامب مجبرًا على القبول بفكرة الوقوف أمام المحكمة وهو يحمل صفة الرئيس المنتخب.
وسمح قاضي محكمة مانهاتن، في سابقة فريدة في تاريخ القضاء الأمريكي كذلك، للرئيس المنتخب دونالد ترامب بالغياب عن الحضور شخصيًا إلى جلسة النطق بالحكم، من خلال السماح له برفقة محاميه بالحضور إلى الجلسة عن طريق تقنية "الزووم" من مقر إقامته في مارلاغو بولاية فلوريدا.
وفسرت المحكمة هذا الاستثناء بأنه جاء مراعاة لظروفه الحالية بسبب انشغاله بالتحضير لمراسم تنصيبه، وكذلك لإظهار حالة من التجاوب مع طلبات فريق دفاعه، لكن مسألة تأجيل القضية إلى وقت لاحق مرفوض من حيث المبدأ، وفقًا لقاضي المحكمة .
وفي أوقات سابقة كان هناك طلبات بتأجيل النطق بالحكم، ومنها ذلك الطلب في شهر يوليو الماضي.
وكانت حجة الدفاع حينها أن ترامب سيكون في خضم أعمال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري ولن يكون لائقًا صدور أحكام في ذلك التوقيت الذي كان سيبدو أنه استهداف سياسي للمرشح الجمهوري، وهي التهمة التي ظل ترامب يكررها في جميع مراحل هذه المحاكمة حتى يومها الأخير.
حكم محكمة نيويورك ظهر على أنه انتصار كبير لفريق ترامب القانوني كما هو الحال في بقية القضايا الأربع الأخرى، التي كان الرئيس المنتخب متابعًا فيها على مستوى المحاكم الفيدرالية بالعاصمة واشنطن وفلوريدا وجورجيا، وجميعها مرتبطة باتهامات محاولة التأثير في نتائج الانتخابات والهجوم على الكونغرس وكذلك قضية الوثائق السرية .
جميع هذه القضايا تم إنهاؤها في أعقاب فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي بالاستناد إلى تمتع ترامب بعد انتخابه مباشرة بالحصانة الرئاسية، وهو الأمر الذي يمنع متابعته قضائيا في جميع القضايا الفيدرالية.
كما أدى ذلك لاحقًا إلى استقالة المستشار الخاص المعين في هذه القضية جاك سميث، وإنهاء المتابعات القانونية في هذه القضايا.
وحاول فريق ترامب القانوني جاهدًا الوصول إلى نفس السيناريو في قضية نيويورك، لكن قاضي المحكمة رفض هذه الدفوع وحتى تلك التي قال بها الدفاع إن الرئيس مشغول جدًا في المرحلة الحالية بترتيبات تشكيل إدارته الجديدة، وكذلك التزاماته الرئاسية التي كان منها مشاركته قبل ساعات في مراسم وداع الرئيس الأمريكي الراحل جيمي كارتر بالعاصمة واشنطن.
فشلت هذه الدفوع في إقناع المحكمة بإنهاء المتابعة القانونية في هذه القضية وتحقيق رغبة ترامب في عدم الذهاب الى حفل تنصيبه وفي سجله الشخصي هذه الأحكام القضائية.
ترامب الذي تحدث خلال جلسات المحكمة عاد إلى التأكيد مرة أخرى لنجاحه الانتخابي الواسع، وهو الأكبر من نوعه لمرشح جمهوري، وهو أمر يجعل من هذا الفوز تحصينًا له أمام الاستمرار في هذه القضية التي يصفها بأنها سياسية مثلها مثل بقية القضايا الأخرى التي كان متابعًا فيها، لكنها جميعًا انتهت.
مرة أخرى يعود ترامب إلى اتهام خصومه الديمقراطيين باستخدام مؤسسات الدولة القانونية والقضائية ضده، بهدف منعه من العودة إلى البيت الأبيض في مرحلة الانتخابات، والتشويش على انتصاره في مرحلة ما بعد الانتخابات كما حدث اليوم في محكمة مانهاتن بنيويورك.
