أثار اتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على عقد قمة بينهما في المجر، حالة من الجدل بشأن أسباب الاخيتار ودوافعه، وحتى العراقيل التي قد تحول دون عقده بسبب العقوبات المفروضة على الرئيس الروسي، ومذكرة الجنائية الدولية الصادرة بحقه.
يرى مراقبون في اختيار ترامب وبوتين لبودابست للقائهما الثاني هذا العام، مؤشراً يحمل تحديات لا تقل صعوبة عن تلك المتعلقة بإنهاء حرب أوكرانيا، فقرار الرئيسين الاجتماع في دولة عضو في الناتو والاتحاد الأوروبي، معروفة بمخالفتها للإجماع الأوروبي بشأن دعم أوكرانيا، قد يضع دول التكتل في حرج شديد، لكنه في الوقت نفسه يقوي موقف الرئيس الروسي، الذي سيجد نفسه على الأراضي الأوروبية لأول مرة منذ مطلع عام 2020، وقد يسوق ذلك ـ إن تم اللقاء ـ على أنه نجح في اختراق العزلة الأوروبية، بعد أسابيع من خلع العزلة الأمريكية عنه بالسفر إلى ألاسكا.
لكن اللافت حقاً أن الرئيس الروسي يمكنه السفر إلى المجر، لأن العقوبات الأوروبية الواسعة المفروضة عليه وعلى شخصيات روسية أخرى، لا تشمل حظر السفر على بوتين شخصياً، في مؤشر على خيط تركه الأوروبيون أصلاً للإبقاء على قنوات تواصل دبلوماسي مع موسكو، لكن العقبة تمكن في أن المجال الجوي الأوروبي مغلق أمام جميع أنواع الطائرات الروسية، عدا استثناءات قليلة، قد ينفذ من خلالها بوتين إلى بودابست.
سفر بوتين إلى المجر وإن كان ممكناً أوروبياً بفعل الإعفاء من حظر السفر، يواجه مشكلة تتعلق بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فجميع دول الاتحاد الأوروبي موقعة على اتفاق روما الأساسي، ما يجعلها ملزمة بتنفيذ حكم المحكمة باعتقاله، وحتى المجر، التي أعلن رئيس وزرائها فيكتور أوربان نيتها الانسحاب من المحكمة بعد إصدار مذكرة التوقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لن تكون خارج اختصاص المحكمة إلا اعتبارًا من يونيو/حزيران 2026.
لكن بوتين أيضاً، قد يجد منفذاً قانونياً يسمح له بالسفر إلى المجر، فروسيا وأمريكا ليستا طرفين في النظام المنشأ للمحكمة، الذي ينص في مادته 27 على أن القانون يسري على الجميع دون استثناء، بما في ذلك رؤساء الدول، لكن المادة 98 منه تفرض احترام الحصانات الدبلوماسية للدول غير الأعضاء، وعبر هذه المادة سيكون بإمكان المجر التي وعدت بالفعل بمنح بوتين "ممرًا آمنًا"، استخدام هذا المبرر لتجنّب تنفيذ مذكرة التوقيف، كما فعلت فرنسا سابقًا في حالة نتنياهو.
هذ المؤشرات مجتمعة تؤكد أنه لا يوجد مانع حقيقي أمام بوتين لحضور قمة بودابست مع ترامب، لكنه قد يضطر للقيام برحلة التفافية طويلة عبر دول البلقان للوصول إلى المجر ما لم يضغط ترامب على أوروبا لمنحه استثناء بعبور أجوائها المغلقة أمام الطيران الروسي منذ اندلاع حرب أوكرانيا.