استخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "كبش فداء" جديد بإعلان إقالته محافظة بنك الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، بسبب مزاعم الاحتيال على الرهن العقاري؛ ما أدى إلى تكثيف الجهود للضغط على البنك المركزي لتنفيذ إرادته.
وذكرت صحيفة "واشطن بوست"، أنه إذا نجحت عملية الإقالة، فقد تمنح ترامب أغلبية من الحلفاء في مجلس الاحتياطي الفيدرالي وتسمح له بتحقيق هدفه المتمثل في خفض أسعار الفائدة، حتى مع رفض المحكمة العليا لمحاولاته ممارسة السيطرة المباشرة على الهيئة المستقلة والقوية.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن الخبير مايكل سترين، من معهد أمريكان إنتربرايز المحافظ، قوله "يستخدم الرئيس نظام العدالة الجنائية لإقالة أشخاص من مناصبهم بسبب خلافات سياسية. وهذا أمر بالغ الخطورة، ويشكل، في حالة الاحتياطي الفيدرالي، تهديدا للازدهار على المدى الطويل".
ورأى تقرير الصحيفة أن ترامب قضى أشهرا يضغط على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لخفض أسعار الفائدة، ساخرا منه وواصفا إياه بـ"المتأخر جدا"، ومثيرا احتمالية إقالته. وقد أقنعه مستشاروه حتى الآن بالتراجع عن إقالته، مشيرين إلى أن ذلك سيُسبب اضطرابا كبيرًا في الأسواق المالية.
وأضاف التقرير "تعتمد مصداقية الاحتياطي الفيدرالي على استقلاليته عن الضغوط السياسية ، وثقة المستثمرين بأنه سيرفع أسعار الفائدة عند الضرورة للسيطرة على التضخم".
لكنها أردفت "إلا أن ترامب صرّح بأنه يريد رئيسا للاحتياطي الفيدرالي مستعدا لخفض أسعار الفائدة بشكل حاد لتحفيز الاقتصاد على المدى القصير، وتخفيف تكلفة تمويل العجز المتزايد"، قائلاً إن أسعار الفائدة يجب أن تكون أقل بنقطتين أو ثلاث نقاط مئوية من مستوياتها الحالية.
وبحسب بيتر كونتي-براون، مؤرخ الاحتياطي الفيدرالي بجامعة بنسلفانيا: "لم يُخفِ الرئيس حقيقة أن هذا لا علاقة له بطلبات ليزا كوك للحصول على قروض عقارية. هذا تصعيدٌ لهجومٍ مطولٍ ومستمر على شرعية الاحتياطي الفيدرالي واستقلاله. الهدف واحدٌ فقط: إجبار الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بشكلٍ كبير".
وذكر التقرير "أنه لم يسبق لأي رئيس أن سعى لإقالة محافظ حالي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وقد تأتي هذه الخطوة بنتائج عكسية".
وتابع "فبينما يتجه بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل نحو خفض سعر الفائدة المرجعي قصير الأجل مطلع الشهر المقبل، فإن الصراع المحتدم على قيادة البنك المركزي قد يدفع المستثمرين إلى المطالبة برفع أسعار الفائدة على الأدوات طويلة الأجل لتعويض ارتفاع مخاطر التضخم؛ ما يزيد تكلفة الرهن العقاري والقروض الأخرى على الأسر والشركات".
وفي بيان لها، وصفت السيناتور إليزابيث وارن (ديمقراطية من ماساتشوستس)، أكبر ديمقراطية في لجنة البنوك بمجلس الشيوخ، هذه الخطوة بأنها "استيلاء استبدادي على السلطة ينتهك بشكل صارخ قانون الاحتياطي الفيدرالي، ويجب إلغاؤه في المحكمة".
وباستهدافه كوك، يبدو أن ترامب يسعى إلى فتح المزيد من المناصب الشاغرة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي؛ ما يُسرّع من إمكانية حصول المحافظين الموالين لترامب على الأغلبية. وقد نشأ شاغرٌ أبكر من المتوقع هذا الشهر عندما أعلنت إحدى المحافظات، أدريانا كوغلر، استقالتها، بحسب ما جاء في تقرير صحيفة "واشنطن بوست".
وأعرب ترامب عن "سعادته البالغة" بهذا الشغور، وسارع إلى تعيين ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، بديلاً له حتى نهاية يناير/كانون الثاني، عندما كانت فترة كوغلر على وشك الانتهاء.
وإذا تم استبدال كوك وتثبيت ميران في منصبه خلال الأسابيع المقبلة، فسيمنح ذلك ترامب أغلبيةً محتملةً من حكام البنوك المركزية الداعي لخفض أسعار الفائدة. وقد دعا بالفعل اثنان من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي عيّنهما ترامب خلال ولايته الأولى إلى خفض أسعار الفائدة.
كما أن إقالة كوك ستُسهّل على ترامب تعيين رؤساء أكثر ولاءً لإدارة ترامب للبنوك الفيدرالية الإقليمية الاثني عشر، والذين يعملون في اللجنة التي تُحدد أسعار الفائدة. في فبراير، سيُتاح تجديد ولاية جميع رؤساء البنوك الفيدرالية، وهو ما يتطلب موافقة أغلبية أعضاء المجلس.
وأشار التقرير إلى أن ترامب اعتمد بشكل متزايد على بيانات الرهن العقاري الشخصية للتحقيق مع خصومه السياسيين، والآن فصلهم، وبين أنه في وقت سابق من هذا العام، تلقت وزارة العدل إحالة جنائية بشأن سجلات العقارات من المدعية العامة لنيويورك، ليتيتيا جيمس، التي رفعت دعاوى قضائية متعددة ضد إدارة ترامب.
في يوليو/تموز، اتهم ترامب علنًا السيناتور آدم شيف (ديمقراطي من كاليفورنيا) - الذي قاد إجراءات عزل ترامب عندما كان عضوًا في مجلس النواب - بالاحتيال في مجال الرهن العقاري.
ويقول خبراء قانونيون إن النتيجة هي تصعيد في نهج مسؤولي ترامب في معاقبة خصومهم بعزلهم أو حتى سجنهم.