كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لقبول خطة وقف إطلاق النار في غزة والمتضمّنة "مساراً موثوقاً" لإقامة دولة فلسطينية.
ووفق الصحيفة البريطانية، فإن ترامب "مارس ضغوطاً غير مسبوقة" على نتنياهو لقبول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والذي يتضمن، لأول مرة بموجب مبادرة يدعمها الرئيس الأمريكي، "مساراً موثوقاً به" نحو دولة فلسطينية مستقبلية، وهو الشرط الذي تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ فترة طويلة برفضه.
وانبثقت خطة ترامب، بحسب "فاينانشال تايمز"، من ضغوط عربية وإسلامية مكثفة خلف الكواليس، وجدت تجاوباً من ترامب الذي كان مستاء من غارة إسرائيل في 9 سبتمبر/أيلول على مفاوضي حماس. وشكّلت هذه الحادثة، التي وصفها مسؤول أمريكي سابق بأنها "إهانة" للرئيس الأمريكي، نقطة تحول سمحت له بفرض شروط اتفاق إقليمي جديد.
وقبل أسبوعين من زيارته لواشنطن، أعلن نتنياهو علناً في مستوطنة بالضفة الغربية أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية"، لكنه عندما وصل إلى نيويورك لمراجعة مسودة ترامب، وجد صياغة تُلزم الولايات المتحدة بـ"مسار موثوق" نحو إقامة الدولة، وهي خطوة وصفها مسؤول إسرائيلي رفيع بأنها "الخيانة الكبرى".
ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن مصادر مطلعة أن أولوية ترامب هي إنهاء حرب غزة قبل الذكرى الثانية لعملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتأمين إطلاق سراح 48 أسيراً إسرائيلياً، وإحياء طموحه الطويل الأمد في توسيع اتفاقيات السلام.
والوثيقة التي صاغها فريق ترامب، وراجعها وسطاء عرب، تفرض شروطاً صارمة على إجراءات إسرائيل بعد الحرب، فهي تمنع احتلال غزة أو ضمها، وتمنع بناء المستوطنات، وتسمح للأمم المتحدة باستئناف العمليات الإنسانية في القطاع. كما تستبعد التهجير القسري، وتمنح سكان القطاع حق العودة، وتقدم عفواً مشروطاً لمقاتلي حماس الذين يلقون السلاح وينبذون العنف.
ومع أن الاتفاق يسمح لنتنياهو بتحقيق مكاسب محدودة، مثل استبعاد حماس من أي حكومة فلسطينية مستقبلية ونزع سلاح الفصائل المسلحة، إلا أن العديد من بنوده "تتعارض مع أيديولوجية ائتلافه اليميني المتطرف"، وفق الصحيفة الريطانية.
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن مسؤولين إسرائيليين بأن محاولات إلغاء أو إضعاف بنود رئيسة قوبلت برفض قاطع من فريق ترامب، الذي حذّرهم من "التوقف عن البحث عن ثغرات".
وتنص الخطة أيضاً على إنشاء هيئة إشراف دولية برئاسة ترامب، إلى جانب لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة غزة، بينما تتولى قوة دولية حفظ الأمن.
وكشفت الصحيفة البريطانية مزيداً من التفاصيل عن رضوخ نتنياهو لترامب، إذ بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي سبق أن تفوق على ثلاثة رؤساء أمريكيين، هادئاً بشكل واضح خلال الإعلان.
وأشار مراقبون إلى أن دبلوماسية ترامب القائمة على المعاملات التجارية وسيطرته الصارمة على العملية لم تترك للزعيم الإسرائيلي مجالاً كبيراً للتحدي. وكما قال السفير الإسرائيلي السابق مايكل أورين: "مع دونالد ترامب، عندما يقول لا تفعل، فأنت لا تفعل".
بعد نشر الخطة، أبدت حماس قبولها الجزئي بالموافقة على إطلاق سراح جميع الأسرى خلال 72 ساعة، وهي خطوة دفعت ترامب إلى إصدار أمر بوقف فوري لإطلاق النار ريثما تستمر المفاوضات. وعندما حاول نتنياهو الادعاء بأن رد حماس كان تكتيكاً للمماطلة، ورد أن ترامب انفجر غضباً: "لماذا أنتم متشائمون إلى هذه الدرجة".
بحلول نهاية الأسبوع، عزز ترامب موقفه علنًا، قائلاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية: "لا بأس بذلك. ليس لديه خيار آخر. معي، يجب أن تكونوا على ما يرام".
وأكدت الصحيفة البريطانية أن نتنياهو "بدا ضعيفاً بصورة مذهلة" أمام ترامب، حيث أجبر الطموح الاستراتيجي الأمريكي زعيم "إسرائيل" على قبول شروط اعتبرها ذات يوم غير واردة.