ترامب: شعرت بغضب شديد بعد علمي بهجوم أوكرانيا على مقر إقامة بوتين

logo
العالم

من البلديات إلى النووي.. تحذيرات فانس تفتح جدلا واسعا في أوروبا

نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانسالمصدر: رويترز

أثار نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس موجة من الجدل والانقسام عبر المحيط الأطلسي بعد تحذيراته الصادمة من سيناريو يصفه بـ"المحتمل" خلال 15 عامًا، يشهد سقوط الأسلحة النووية الفرنسية والبريطانية في أيدي قيادات "موالية للإسلام السياسي". 

التصريحات التي أدلى بها لموقع "آنهيرد" البريطاني المحافظ فتحت ملفًا شائكًا حول مستقبل أوروبا الديموغرافي والسياسي، وطرحت تساؤلات جوهرية: هل ستتخذ القارة العجوز إجراءات حاسمة، أم ستستمر في سياسة "النعامة" إزاء التحذيرات الأمريكية؟

أخبار ذات علاقة

قمة ترامب وقادة أوروبا بشأن أوكرانيا

القارة العجوز بلا واشنطن.. هل تصمد أوروبا وحدها أمام الدب الروسي؟

تحذير نووي غير مسبوق

في خروج صارخ عن الأعراف الدبلوماسية التقليدية، ربط فانس بين التحولات الديموغرافية في أوروبا الغربية والأمن القومي الأمريكي بشكل مباشر.

قال نائب الرئيس الأمريكي: "تربطنا بأوروبا روابط ثقافية ودينية واقتصادية أقوى بكثير من أي مكان آخر في العالم، ولذا أعتقد أننا سنخوض نقاشات أخلاقية معينة مع أوروبا قد لا نخوضها مع دول أخرى".

لكن التصعيد الحقيقي جاء عندما ربط بين السياسات الأوروبية والترسانة النووية، موضحًا: "فرنسا والمملكة المتحدة تمتلكان أسلحة نووية. إذا سمحتا لأنفسهما بالانجرار وراء أفكار أخلاقية مدمرة للغاية، فإنهما بذلك تسمحان للأسلحة النووية بالوقوع في أيدي أشخاص قادرين على إلحاق ضرر جسيم بالولايات المتحدة".

أخبار ذات علاقة

نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس

فانس: اختبار الترسانة النووية الأمريكية سيضمن عملها بشكل صحيح

من البلديات إلى القصور الرئاسية

أوضح فانس أن ما يقلقه ليس مجرد تخوف نظري، بل واقع قائم يتطور تدريجيًّا. قال: "هناك أشخاص موالون للإسلاميين أو ذوو توجهات إسلامية يشغلون مناصب في دول أوروبية حاليًّا، ربما على مستوى متدنٍّ للغاية الآن. إنهم يفوزون في انتخابات رؤساء البلديات أو الانتخابات البلدية".

وأضاف بنبرة تحذيرية: "لكن ليس من المستبعد تصور سيناريو يكون فيه لشخص ذي آراء قريبة من الإسلام نفوذ كبير في دولة أوروبية نووية. في السنوات الخمس المقبلة؟ لا. لكن بعد 15 عامًا من الآن؟ بالتأكيد. وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة".

ردود فعل أوروبية منقسمة

جاءت ردود الفعل الأوروبية متباينة بشكل حاد. المستشار الألماني أولاف شولتس كان من أوائل الرافضين، معتبرًا أن التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية الأوروبية "غير مرحب به وغير مناسب بين الحلفاء".

العديد من القادة الأوروبيين اعتبروا تصريحات فانس محاولة لـ"تطبيع" التيارات اليمينية المتطرفة، خاصة بعد دعوته الصريحة لعدم استبعاد حزب "البديل من أجل ألمانيا" من الائتلافات الحكومية.

أخبار ذات علاقة

صعود اليمين المتطرف في أوروبا

2025 عام اليمين المتطرف.. أوروبا على حافة "التحول الكبير"

خبراء ينقسمون حول الاستجابة الأوروبية

في تصريحات خاصة، لـ"إرم نيوز"، قدم خبيران أوربيان رؤيتين متباينتين حول ما إذا كانت أوروبا ستستجيب لتحذيرات فانس.

يرى الخبير السياسي والباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، جان إيف كامو، احتمالية لإجراءات محدودة، قائلًا: "من المحتمل أنه بمبادرة من الاتحاد الأوروبي ونتيجة للرقابة الداخلية، ستُحرم بعض المنظمات غير الحكومية من تمويلها، إما لأنها تُعتبر قريبة من الإخوان، أو لأنها تُعتبر قريبة جدًّا من حركة حماس على وجه الخصوص". 

وأضاف: "لكن إذا حدث ذلك، فلن يكون لفانس دور فيه، حيث إن العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي يطالبون باتخاذ إجراءات بشأن هذا الموضوع منذ فترة طويلة".

وتابع كامو: "أما تصريح فانس، فله مغزى مزدوج: من جهة، يكمل خطابه العام حول الاختفاء المبرمج لأوروبا، ومن جهة أخرى، يطمئن الأوساط المسيحية القلقة من العنف الذي ترتكبه بوكو حرام أو الجماعات الإسلامية الأخرى، حتى لو لم يكن لها أي صلة بالإخوان".

من جهته، كان رولاند لومباردي، الخبير الجيوسياسي ومدير تحرير صحيفة "لو دبلومات ميديا"، أكثر تشاؤمًا. قال في تصريح خاص، لـ"إرم نيوز": "لا، على الأرجح لن يحدث ذلك. غالبية القادة الأوروبيين الحاليين، ذوي التوجه التقدمي، لن يتخذوا إجراءات هيكلية، أولاً لأسباب أيديولوجية: فانس يجسد تحديدًا ما يرفضونه سياسيًا وثقافيًا. وبالتالي، يتم استبعاد التحذير من البداية".

وأضاف لومباردي: "قد تظهر استجابات محدودة في حالات معينة، لا سيما في الدول التي تحكمها حكومات قريبة سياسيًا من الإدارة الأمريكية الحالية أو من خطها السيادي - مثل إيطاليا أو المجر. في هذه المرحلة، تظل النمسا الدولة الأوروبية الوحيدة التي اعتمدت حظرًا صريحًا يستهدف جماعة الإخوان المسلمين".

وحول موقف بروكسل، كان لومباردي قاطعًا: "على مستوى بروكسل، لا يُتوقع شيء ذو مغزى: تأثير بعض الدول، وهيمنة أيديولوجية التسامح، والسذاجة المستمرة تجاه الإسلام السياسي، والقيود القانونية الأوروبية، كل ذلك يحيّد أي رغبة في اتخاذ إجراء جماعي أوروبي بحت".

سياق أوسع.. مؤتمر ميونخ والخروج عن الأعراف

تصريحات فانس الأخيرة لم تأتِ في فراغ. في وقت سابق من هذا العام، ألقى خطابًا مثيرًا للجدل في مؤتمر ميونخ للأمن، حيث تحدى القادة الأوروبيين بشأن قضايا الهجرة وحرية التعبير والحوكمة الديمقراطية. في ذلك الخطاب، أعاد تأطير ما اعتبره المخاطر الرئيسية لأوروبا على أنها داخلية - نابعة من الهجرة والليبرالية الثقافية - وليست تهديدات أمنية خارجية كروسيا أو الصين.

كما كسر السوابق الدبلوماسية باقتراحه علنًا أن الأحزاب الأوروبية السائدة يجب ألا تستبعد الجماعات اليمينية المتطرفة من الائتلافات الحكومية، بحجة أن القيام بذلك يتجاهل الإرادة الديمقراطية للناخبين.

تحذيرات أمريكية متزامنة

لم يكن فانس وحده في هذا الخطاب. قبل أيام قليلة، حذرت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد من محاولات جماعات الإسلام السياسي استغلال النظامين القانوني والسياسي في الولايات المتحدة. قالت: "هناك تهديد لا نتحدث عنه بما يكفي.. إنه الأيديولوجيا الإسلاموية؛ لأنها تسعى إلى إنشاء خلافة عالمية تحكمنا هنا في أمريكا، وتهدد الحضارة الغربية".

كما سبق لفانس أن وصف بريطانيا بأنها "دولة إسلامية مسلحة نوويًا"، بينما اتهم الرئيس دونالد ترامب عمدة لندن صادق خان بالسعي إلى "فرض الشريعة الإسلامية".

أخبار ذات علاقة

 جيمس ديفيد فانس

بايدن يصف جي دي فانس بأنه "استنساخ لترامب"

معضلة التحالف الأطلسي

تُبرز تصريحات فانس توترات متزايدة في واحد من أقوى التحالفات في السياسة العالمية. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تعاونت الولايات المتحدة وأوروبا الغربية بشكل وثيق في الدفاع والتجارة والقيم السياسية. لكن نقد فانس العلني يشير إلى تحول في الخطاب السياسي الأمريكي، حيث يربط الدعم للأمن الأوروبي بتقييمات للسياسة الداخلية الأوروبية.

تطرح تحذيرات فانس أسئلة أساسية حول مستقبل العلاقات عبر الأطلسي: هل ستأخذ أوروبا هذه التحذيرات على محمل الجد وتتخذ إجراءات وقائية؟ أم أن الخلافات الأيديولوجية ستمنع أي استجابة جماعية؟

بينما ترى بعض الدول مثل النمسا والمجر وإيطاليا في هذه التحذيرات فرصة لتشديد سياسات الهجرة ومراقبة المنظمات الإسلامية، يرى معظم القادة الأوروبيين في خطاب فانس محاولة غير مقبولة للتدخل في شؤونهم الداخلية وتطبيعًا للخطاب اليميني المتطرف.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC