اعتبر خبراء أن استهداف أوكرانيا للعمق الروسي باستخدام الصواريخ الأمريكية والبريطانية، "غاية غربية عديمة الفائدة".
وللمرة الرابعة خلال شهرين، فوجئت الدفاعات الروسية بوابلٍ من الصواريخ الأمريكية من طراز "أتاكمز"، أطلقتها القوات الأوكرانية تجاه العمق الروسي، وذلك قبل أيام من تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات الدكتور آصف ملحم، إن الهجمات الأوكرانية المستمرة على العمق الروسي بصواريخ أمريكية يؤكد أن الغاية منها هي أن كييف مُجبرة من الغرب على استخدامها في هذا التوقيت لتحقيق أهداف غربية وتكبد القوات الروسية خسائر، إلا أن هذا لن يحقق نتائج فعلية على أرض المعركة.
وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن جميع العمليات العسكرية الأوكرانية داخل العمق الروسي عديمة الفائدة، لعدة أسباب منها أن روسيا تتصدى لكل هذه الهجمات.
وبيّن الدكتور ملحم أنه منذُ أيام قصفت أوكرانيا مقاطعة بريانسك بصواريخ "أتاكمز" ونجحت الدفاعات الروسية والقوات الجوية في إسقاط هذه الصواريخ، كما أن عدد تلك الصواريخ الغربية والأمريكية الموجودة لدى أوكرانيا قليل ولو استخدمتها أوكرانيا فلن تغير من معادلة الصراع.
وأوضح أن هدف أوكرانيا من هذا القصف هو رفع الروح المعنوية لجيشها رغم تراجعه على جبهات القتال، وأنه رغم تغيير روسيا من عقيدتها النووية وتهديدها بالرد النووي، إلا أن التصعيد ليس في صالحها الآن.
وذكر الدكتور ملحم أن روسيا تريد ترك المعركة بهذا الترتيب لعدة أسباب منها، وجود أصوات أوروبية كثيرة بدأت ترتفع ضد استمرار المساعدات الغربية لأوكرانيا، وهو ما يُشير إلى أن معسكر إنهاء الحرب في أوروبا بدأ يتصاعد بشكل كبير.
ولفت إلى أن التصعيد مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" له أبعاد خطيرة والولايات المتحدة نفسها لن تجرؤ على وصول الصراع إلى هذه المرحلة بمواجهة مباشرة بين روسيا و"الناتو"، لأن دخول الحلف في مواجهة مباشرة مع روسيا يعني انتقال الحرب إلى حرب نووية وسيكون الأمر مدمرا لكوكب الأرض.
وأضاف الدكتور ملحم أن أوكرانيا تحولت إلى ورقة تعبث بها الدول الغربية، والأوضاع الداخلية في أوكرانيا من سيئ إلى أسوأ وبالتالي فإن الصراع سيسير وفق هذا السياق الذي تريده روسيا، وليس بالتصعيد.
ومضى قائلًا: "قد يتساءل البعض كيف تحفظ روسيا ماء الوجه في تنفيذ تهديداتها؟، ويمكن الرد على هذا أن القيادة العسكرية في روسيا لن تتأثر بمثل هذه التصريحات طالما تتقدم على جبهات القتال وأفضل رد هو مواصلة تقدمها لتدمير الجيش الأوكراني"، لافتًا إلى أن روسيا تخطط الآن لهجوم واسع على ما تبقى من مقاطعة خيرسون.
ومن جانبه، قال مدير شبكة الجيواستراتيجي للدراسات إبراهيم كابان، إن روسيا تريد تهدئة الأمر مع أوكرانيا في هذه المرحلة خاصة مع التحولات الدراماتيكية، التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية.
وبيّن في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن "استراتيجية ترامب في التعامل مع الأزمة الأوكرانية غير معروفة، ولذلك تريد روسيا تهدئة الوضع في تلك المرحلة والحفاظ على ما تم السيطرة عليه في أوكرانيا".
وأكد كابان أن أوكرانيا تسعى إلى استفزاز روسيا حتى تدفعها للرد العنيف بالتزامن مع مجيء ترامب للبيت الأبيض، لكي تضمن قيادة الجيش الأوكراني استمرار الدعم الأمريكي والأوروبي لصالح أوكرانيا.
وأوضح أنه بالرغم من أن روسيا تعتبر دولة قوية إلا أنه مع مرور الوقت واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية ستضعف قوة روسيا مستقبلًا في ظل وجود عقوبات عليها، وعدم وجود دول منقذة للاقتصاد الروسي مما يمثل ضغوطات اقتصادية مضاعفة.
وأضاف كابان أنه على المدى البعيد فإن روسيا ستخسر الكثير بسبب العقوبات الأمريكية والأوروبية والحصار المفروض على الاقتصاد الروسي وإنهاء الوجود الروسي في سوريا فضلا عن حصار روسيا في عدد من الدول الأفريقية، وبالتالي فإن موسكو دخلت بين سندان الضغوط الأمريكية ومطرقة النفوذ الغربي.
وأوضح كابان أن روسيا تحاول أن تدخل في عالم ترامب الجديد بهدوء تام دون أفعال عنيفة ضد أوكرانيا مما يعتبر تحديا لإدارة ترامب، معتبرًا أن ذلك يُشير إلى الذكاء الروسي.