قال عضو ديمقراطي في الكونغرس الأمريكي لـ"إرم نيوز" إن ما شهده الكونغرس الثلاثاء من اتفاق غير مسبوق منذ عقود بين مشرعي الحزبين في الغرفة الأولى من خلال التصويت بالأغلبية المطلقة من الحزبين لصالح قرار نشر وثائق قضية جيفري إبستين يعد إنجازا كبيرا لصالح الولايات المتحدة والنظام السياسي فيها.
القيادي الديمقراطي أوضح أنه حتى نهاية الأسبوع الماضي لم تكن هناك إشارة واحدة على أن الأمور سوف تسير في هذا الاتجاه الإيجابي، وأن الأعضاء الجمهوريين سيذهبون في هذا الاتجاه أمام تلك الصدامات والانقسامات بين أجنحة الحزب المختلفة وبين أعضاء من الكتلة الجمهورية وقيادة مجلس النواب ممثلة في شخص رئيسه مايك جونسون.
وأكد أن هذا التحول جعل من الحزبين يظهران حالة اتفاق لمراعاة المصلحة العامة للأمريكيين بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة أو المصالح الحزبية المرحلية.
ولم تكن هذه المفاجأة الوحيدة في مبنى الكونغرس هذا الثلاثاء بل إن المفاجأة الكبرى كانت عندما انقضت إجراءات التصويت في الغرفة الأولى وحتى قبل اجتماع أعضاء مجلس الشيوخ للتصويت العام على مشروع القانون كما هو مطالب به دستوريا؛ إذ أبلغ الشيوخ، ديمقراطيين وجمهوريين، قيادة مجلس النواب بتحويل الملف مباشرة إلى مكتب الرئيس ترامب لتوقيعه.
قياديون جمهوريون قالوا لـ"إرم نيوز" إن الأغلبية الجمهورية في الغرفة الثانية وجدت أنه ليس هناك مصلحة في معارضة مشروع قرار حاز الأغلبية المطلقة في الغرفة الأولى وصوتت عليه الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب إضافة إلى جميع الأعضاء الديمقراطيين.
الجمهوريون في مجلس الشيوخ وجدوا أن المصلحة السياسية المشتركة هي اتخاذ خطوة مماثلة على مستوى المجلس بدعم قرار مجلس النواب وعدم تضييع المزيد من الوقت في المرور عبر الإجراءات التفصيلية.
وأشار القيادي الجمهوري إلى أن مشاورات مكثفة جمعت طيلة اليومين الماضيين وقبل ذلك نهاية الأسبوع الماضي حول إمكانية تجاوز الإجراءات الداخلية والموافقة الفورية على القرار بمجرد إقراره على مستوى مجلس النواب.
وبحسب القيادي الجمهوري، لم تكن هناك أية اعتراضات داخلية في الغرفة الثانية من قبل الأعضاء الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، ومن هنا جاء القرار الجماعي وبناء على اتفاق مسبق حيث كانت الفكرة أنه في حال مرور القرار بالأغلبية في مجلس النواب فإن الأعضاء في مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين يؤيدون ذهاب القرار مباشرة إلى المكتب البيضاوي ليتم توقيعه من طرف الرئيس.
وذكر مسؤولون في البيت الأبيض لـ"إرم نيوز" أنه حتى هذه اللحظة لا توجد خطة جاهزة من قبل مكتب الرئيس ترامب لتحديد موعد التوقيع على القرار.
عاش مبنى الكونغرس لحظات استثنائية في حضور عدد من ضحايا جرائم رجل الأعمال جيفري إبستين للشهادة على مصادقة الكونغرس وعقد مؤتمر صحفي في أعقاب انتهاء التصويت.
تقول إحدى النساء الضحايا لـ"إرم نيوز"، رافضة الإفصاح عن اسمها، إن قرارها بالحضور إلى الكونغرس هو سعي منها للحديث باسم آلاف النساء الضحايا اللواتي عشن سنوات من الجحيم سواء خلال فترات الاستغلال الجنسي في شبابهن الباكر أو في السنوات التي تلت ذلك وكن فيها عرضة لجميع أشكال التهديد من قبل إبستين ورجاله النافذين الذين كانوا جزءا من جرائم الاستغلال الجنسي لبنات قاصرات.
الشاهدة تقول إن الذي حدث في الكونغرس هو لحظة تاريخية تؤكد أن رهاننا كنساء ضحايا على الشعب الأمريكي ولسنوات طويلة من المطالبة بتحقيق العدالة في هذه القضية كان رهانا صعبا، إلا أن هناك جزءا من نص القرار لا يزال يثير القلق بين النساء الضحايا وعائلاتهن.
وأوضحت أن هذا القرار يتعلق بالسماح لوزارة العدل بإخفاء أسماء الضحايا والمتهمين الذين لا يزالون قيد التحقيق في الوقت الحاضر، معتبرة أن هذا الأمر قد يؤدي إلى سوء تقدير في حق بعض الأسماء وربما إلى تعمد إخفاء أسماء معينة كانت شريكة في الجرائم المرتكبة.
هذه المسألة يقول بشأنها مشرعون إنها سوف تخضع لمتابعة قانونية وبحث دقيق من قبل لجان الكونغرس القانونية وإن قرار الكونغرس بنشر الوثائق كافة هو خطوة في طريق تحقيق العدالة لجميع الضحايا وملاحقة من ارتكبوا هذه الجرائم بصرف النظر عن مواقعهم السياسية ونفوذهم المالي أو الاجتماعي.
يقول موظفون كبار في مبنى الكابيتول لـ"إرم نيوز" إن عدد الوثائق التي بحوزة اللجان المختصة في مبنى الكابيتول ووزارة العدل يتجاوز خمسين ألف وثيقة، ولذلك فإن عملية الكشف عنها تحتاج إلى ترتيبات داخلية يتم التنسيق فيها بين جميع الهيئات المعنية بالتحقيقات التي لا تزال جارية في القضية حتى الآن.
بعض الشهادات التي وردت في الملفات يحتاج أصحابها إلى تأمين الحماية اللازمة لهم في حال الكشف عن هوياتهم، وهي مسألة سوف تحتاج إلى تنسيق بين مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل واللجان المختصة في الكونغرس، وهناك حالات أخرى لبعض الضحايا الذين يرفضون طرح أسمائهم للتناول العلني، وهي مسألة أخرى يجب أن تكون محل مراعاة عند نشر الوثائق.
ويقول كبار موظفي الكونغرس لـ"إرم نيوز" إن هذه التفاصيل سوف تجعل من عملية نشر الوثائق بعد إجازة القرار من قبل الرئيس ترامب تخضع لمراجعات دقيقة إجرائية وقانونية، ولذلك لن يتم نشر الوثائق على دفعة واحدة؛ لأن احترام هذه الإجراءات جزء من مسؤوليات الهيئة التشريعية والمؤسسات المعنية بسرية التحقيقات في هذه الملفات، وهي تحقيقات استمرت لسنوات على أكثر من مستوى واحد وعبر أكثر من وكالة حكومية مختصة واحدة وعبر العديد من الهيئات الأمنية والقضائية المحلية في عدد من الولايات.