مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تتبع الجماعات المتشددة في توسيع نفوذها في أفريقيا إستراتيجيات مركّبة اقتصادياً تقود إلى توفير موارد مالية ضخمة لها، ما يمكنها من تطوير قدراتها العسكرية بشكل سريع، الأمر الذي يضع الجيوش الوطنية أمام تحد صعب.
وتتمثل هذه الإستراتيجيات في السيطرة على المعابر، وفرض الإتاوات والضرائب على السكان والتجار، الذين ينشطون في هذه المعابر، وأيضاً السيطرة على ثروات هذه الدول من نفط وذهب، والتي منحت هذه الجماعات عائدات مالية ضخمة.
وسلّط زحف جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، نحو العاصمة المالية باماكو، وحصارها ومنع دخول الوقود، الضوء على الإستراتيجيات الاقتصادية لهذه الجماعات.
يأتي ذلك، في وقت تحاول فيه دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، فرض سيادتها على ثرواتها بما فيها المناجم، واستعادة الأمن والاستقرار، وهي كلها طموحات تصطدم بتعزيز الجماعات المتشددة لنفوذها بشكل كبير.
وكانت الحكومة المالية قد أطلقت، في وقت سابق، خططاً تستهدف تأميم مناجم الذهب، وذلك بعد أن كانت الشركات الأجنبية تسيطر عليها في خطوة سعى من خلالها النقيب آسيمي غويتا الذي يحكم البلاد إلى استعادة شعبيته.
وقال الخبير الاقتصادي إبراهيم كوليبالي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إن "العوامل التي تساعد تلك الجماعات على إعادة بناء قدراتها المالية والعسكرية، هي بشكل رئيس سيطرتها على الذهب والنفط، خاصة فرض ضرائب على السكان، والفدية المتأتية من عمليات الخطف، وبدرجة أقل السيطرة على معابر حدودية".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الذهب، والنفط، واليورانيوم، والليثيوم، كلها ثروات تحولت من نعمة إلى نقمة للدول الأفريقية، ذلك أنها محور تنافس محموم بين القوى العالمية الكبرى، فيما نجحت جماعات متشددة في السيطرة على مناجم ومواقع تعدين برمتها، وهو ما يجعل هذه الدول عاجزة عن استغلال ثرواتها".
وشدد كوليبالي على أن "الجماعات المسلحة المتشددة، خاصة (نصرة الإسلام والمسلمين)، و(بوكو حرام)، و(الشباب)، نجحت إلى حد كبير في الاستيلاء على مناجم برمتها، وهذا الأمر يضع الحكومات المركزية أمام ضغط غير مسبوق".
من جهته، قال المحلل السياسي محمد إدريس المتخصص في الشؤون الأفريقية، إن "هناك إخفاقاً كبيراً للحكومات المنبثقة عن انقلابات عسكرية في تأميم الثروات المحلية، وفي تأمين المعابر الحدودية، حيث لا يزال شمال مالي، على سبيل المثال، خارج عن سيطرة حكومة غويتا".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الجيوش المحلية تفتقر إلى الجاهزية والأسلحة اللازمة من أجل السيطرة على الثروات، والمعابر الحدودية، وحتى تأمين الأجانب، وبالتالي نحن إزاء إخفاق تامّ للحكومات الحالية في أفريقيا والتي لا تزال أمام خيارات ضئيلة في مواجهة تصاعد الإرهاب".