كشفت صحيفة "لوبوان" الفرنسية أن بروكسل تضع لندن أمام معادلة صعبة؛ إذ إن عليها أن تدفع ما بين 4-6.5 مليارات يورو لقاء انضمام بريطانيا إلى برنامج الدفاع المشترك "SAFE"، في خطوة تُعيد اختبار علاقة ما بعد "بريكست" بين الجانبين وتثير جدلًا حادًا في لندن.
وتسعى حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى "إعادة ضبط" علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بعد سنوات من التوتر، لكن بروكسل، بدعم من باريس وروما ومدريد، ترفض أي "خصم بريطاني" في صفقة الانضمام إلى البرنامج العسكري الجديد الذي تبلغ ميزانيته 150 مليار يورو، ويهدف البرنامج إلى تمويل مشاريع دفاعية أوروبية مشتركة، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تراجع الالتزام الأمريكي بأمن القارة.
ومن جانبها استندت المفوضية الأوروبية في حسابها إلى حجم قطاع الصناعات الدفاعية البريطاني وإلى الأرباح الهائلة التي قد تجنيها شركات مثل BAE Systems، التي يُتوقع أن تكون من بين أكبر المستفيدين من المشاركة في البرنامج، لكن لندن تعتبر أن المبلغ المطلوب مبالغ فيه، خاصة وأن بريطانيا لن تتمتع بإمكانية الوصول إلى القروض الأوروبية منخفضة الفائدة، بل فقط بحق المشاركة في المشتريات الدفاعية.
أمَّا فرنسا، من جهتها، تُصرُّ على مبدأ "عدم الركوب المجاني" وتؤكد أن انضمام بريطانيا يجب أن يتم وفق مساهمة عادلة تتناسب مع المكاسب المحتملة، في حين يواجه ستارمر، الذي جعل من التقارب مع أوروبا محورًا في استراتيجيته الخارجية، ضغطًا داخليًا متزايدًا من برلمانيين يرون أن الدفع لبروكسل بعد 9 سنوات من "بريكست" قد يكون تنازلًا سياسيًا يصعب تبريره للرأي العام.
لكن خلف الأرقام، تكمن معركة أكبر حول الهوية الاستراتيجية لأوروبا؛ فبينما تسعى بروكسل لتأكيد استقلالها الدفاعي عن واشنطن، تدرك أن استبعاد ثاني أقوى جيش أوروبي من منظومتها الجديدة سيجعل طموح "الاستقلالية الاستراتيجية" هشًا، لكن يبقى السؤال: هل ستقبل لندن بدفع ثمن العودة إلى الطاولة الأوروبية، أم ستختار البقاء خارج "النادي العسكري" الذي يتشكل في القارة؟