يُواصل الاتحاد الأوروبي توقيع اتفاقياتٍ حول المواد الخام الحيوية ضمن ترتيبات أوسع، من أبرز هذه المبادرات في 2025، توقيع مذكرة تفاهم بين فرنسا والأرجنتين حول المعادن الحيوية، وإعلان تعزيز التعاون بين المملكة المتحدة وكندا في هذا المجال، في إطار جهودها الرامية إلى تعزيز وتنويع سلاسل التوريد للمواد الخام الحيوية، بما في ذلك الإستراتيجية.
وبحسب "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية"، فإن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى ما هو أبعد من مجرد المبادرات التي تستهدف الدول الأعضاء وحدها؛ إذ تركز المشاريع الإستراتيجية للكتلة الأوروبية على تقوية وتنويع سلاسل الإمداد للمواد الخام الحيوية، بما فيها تلك ذات الاستخدام الدفاعي.
من جانبها أكدت بروكسل أن أربعة مشاريع إستراتيجية – ثلاثة تتعلق بالتنغستن وواحد بالمغنيسيوم – ستخدم احتياجات القطاع الدفاعي، وتعتمد دول الاتحاد بشكل كبير على الواردات؛ إذ تمثل الصين 31% من معالجة التنغستن و97% من معالجة المغنيسيوم، وهما عنصران أساسيان في المعدات الدفاعية، ويستخدم التنغستن في الدروع والرؤوس الحربية، بينما يسهم المغنيسيوم في تصنيع مكونات خفيفة الوزن للطائرات والصواريخ العسكرية.
وترى مصادر مطّلعة أن الكتلة الأوروبية بهدف تقليل الاعتماد على مورد واحد، وضعت أهدافًا داخلية ضمن قانون المواد الخام الحيوية (CRMA) لعام 2030، تشمل استخراج 10%، ومعالجة 40%، وإعادة تدوير 25% من الاستهلاك السنوي داخل الاتحاد، مع السماح باستثناءات للشركاء الموثوقين لضمان أمن الإمداد، ورغم أن معظم المشاريع تستهدف القطاعات المدنية، فإن المواد نفسها تُستخدم في التطبيقات الدفاعية؛ ما يجعلها ذات بعد أمني مزدوج الاستخدام.
تعتمد أوروبا على عدد محدود من الموردين الرئيسيين، خصوصًا الصين، التي تسيطر على 68% من استخراج عناصر الأرض النادرة و85% من معالجتها، وتُستخدم هذه المواد في تقنيات الدفاع، مثل: الرادارات والسونار والبصريات الليلية والأسلحة الموجهة بدقة، وتظهر في برامج رئيسية، مثل: طائرات "إف-35"، التي تحتاج أكثر من 400 كيلوغرام من هذه المواد. وتعتمد أوروبا بنسبة 100% على الموردين الخارجيين لاستخراج العناصر النادرة و99% لمعالجتها.
مع دخول قانون المواد الخام الحيوية حيّز التنفيذ في مايو 2024، وسرد 34 مادة حرجة و17 مادة إستراتيجية، أصبح الهدف واضحًا "تعزيز القدرة الأوروبية على الأمن الصناعي والدفاعي، وتقليل نقاط الضعف في سلاسل الإمداد"، وبالتوازي، أدرج الناتو 12 مادة حرجة للدفاع في ديسمبر 2024؛ ما يؤكد أهمية التنسيق بين السياسات الصناعية والأمنية.