تعكس الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية ضدّ أهداف لمواقع تنظيم داعش في نيجيريا تحوّل غرب أفريقيا إلى ساحة إعادة تموضع عسكري أمريكي.
وكانت الولايات المتحدة قد أعادت تنظيم قواتها في المنطقة من خلال سحب قواتها من النيجر وذلك بعد انسحاب نيامي من اتفاق عسكري وقعته مع واشنطن في العام 2012.
وسحبت الولايات المتحدة حوالي 1000 عسكري شاركوا في القتال ضدّ الجماعات المسلّحة، لكنّ واشنطن عادت، الآن، بعمليات تطال أهدافاً دقيقة في نيجيريا.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن شنّ هجمات وصفها بالفتّاكة ضد مسلحي تنظيم داعش شمال غرب نيجيريا، ولوَّح بتنفيذ المزيد وذلك بعد أسابيع من حديثه عن "قتل ممنهج" للمسيحيين في هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا.
وعلّق الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية، عمرو ديالو، على الأمر بالقول: "من الواضح أن هجمات الولايات المتحدة تهدف إلى شلّ قدرات فصيل يتبع تنظيم الدولة وهو لاكوراوا الذي يملك قوة عسكرية غير مسبوقة ونجح، في غضون سنوات قليلة، بأن يصبح رقماً صعباً في المعادلة الأمنية في البلاد".
وتابع ديالو في تصريح خاصّ لـ "إرم نيوز": "لذلك، معظم الغارات تركّزت في ولاية سوكوتو الحدودية مع النيجر، حيث ينشط فصيل لاكوراوا الذي يشنّ هجمات مكثفة ضد القوات الحكومية، وأيضاً المدنيين، وهذا التنظيم تعاظم نفوذه إثر الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر المجاورة، في 2023، لذلك ركّز نشاطه على المناطق الحدودية مع هذا البلد، حيث يسود انفلات أمني كبير".
وشدد قائلاً: "في اعتقادي الهجمات ستستمر، وترامب نفسه أعلن ذلك، لأنّ هذا الفصيل يملك قوة عسكرية يصعب القضاء عليها في ضربات محدودة، ناهيك عن وجود فصيل آخر مرتبط بداعش في نيجيريا وهو تنظيم ولاية غرب أفريقيا الذي انشقّ، قبل سنوات، عن جماعة "بوكو حرام"، وبالتالي مهمة الولايات المتحدة مركَّبة، وربما تستغرق أسابيع".
وتأتي هذه التطورات في وقت رفضت فيه نيجيريا، في البداية، اتهامات الرئيس ترامب بتعرض المسيحيين إلى الاضطهاد، وأعلنت، لاحقاً، أنها توصّلت إلى "حل للخلاف" مع واشنطن، قبل أن تكشف الجمعة عن تنسيق مع الولايات المتحدة بشأن هذه الضربات.
ويعتقد المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، قاسم كايتا، أنّ "ما قامت به الولايات المتحدة من ضربات سيمكنها من استعادة نفوذها، خاصة من خلال إبعاد خطر الجماعات المسلحة التي تهدد المصالح الأمريكية مثل الاستثمارات، وغير ذلك".
وأضاف كايتا لـ "إرم نيوز" أنّ "هذه الضربات أيضاً تحمل بعداً سياسيا في الداخل الأمريكي، إذ يصور الجمهوريون، منذ سنوات، نيجيريا على أنها متسامحة مع استهداف المسيحيين، لذلك تحرّك ترامب لتعزيز شعبيته بصفته ضامناً لأمن المسيحيين".
ولفت إلى أنّ "هناك معطى آخرَ مهماً، وهو أن سرعة تحرك الولايات المتحدة ربما تدفع دولاً في غرب أفريقيا إلى طلب المساعدة الأمريكية في مواجهة الجماعات المسلحة تماماً مثلما يحدث في مالي، الآن، خاصة في ظل تراجع الدعم الروسي، لذلك فأنا لا أستبعد أن تستغل واشنطن هذه الضربات لإعادة اـ غرب القارّة".