رأت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الحملة العسكرية التي يشنّها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تحت مسمى "الحرب على المخدرات"، تثير تساؤلات حول أهدافها الحقيقية وتداعياتها الخطيرة، معتبرة أنها لا تزيد عن كونها "مسرحية سياسية".
وذهبت الصحيفة إلى أن الهجوم الأخير على قارب سريع في المياه الدولية بالبحر الكاريبي، الذي زُعم أنه يحمل تجار مخدرات فنزويليين، قد يكون "محاولة تمثيلية" تهدف إلى تعزيز صورة ترامب، لكنه يحمل في طياته سابقة خطيرة لـ "استخدام القوة العسكرية دون تفويض قانوني".
وفي خطوة أثارت الجدل، أعلن ترامب أن الجيش الأمريكي قتل 11 شخصاً يُزعم أنهم تجار مخدرات مرتبطون بعصابة "ترين دي أراغوا" الفنزويلية، لكن البيت الأبيض لم يُقدم أدلة تثبت هذه الادعاءات، بل قدّم روايات متضاربة حول وجهة القارب.
وكان وزير الخارجية ماركو روبيو برر الهجوم بقوله إن "تفجير" القوارب هو الحل الوحيد لوقف تجارة المخدرات، مما "يعكس نهجاً متشدداً يتجاوز الحدود القانونية والدبلوماسية"، بحسب تعبير "الغارديان".
في وقت سابق، أمر ترامب سراً باستخدام القوة العسكرية ضد الكارتلات دولياً، مع نشر سفن حربية قرب سواحل فنزويلا ومقاتلات إف-35 في بورتوريكو، في حين يخشى مراقبون أن تكون هذه التحركات ذريعة لتدخل عسكري كارثي في فنزويلا.
لكن الصحيفة البريطانية تحذّر من تدحرج مقلق للأزمة، مع تصريحات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو التي حذر فيها من نوايا أمريكية، مقابل عرض واشنطن مكافأة قدرها 50 مليون دولار لاعتقاله، أملاً في زعزعة استقرار نظامه أو دفع أعضائه للإطاحة به.
وتصف الصحيفة "استراتيجية ترامب" في فنزويلا بأنها "مجرد استعراض سياسي يخدم مصالحه الداخلية، خاصة مع اقتراب الانتخابات"، لكنها رأت أن الحملة تكشف مدى "الانتهاك العميق للقانون" في أمريكا.
وتفتقر حملة ترامب إلى موافقة الكونغرس أو تفويض من الأمم المتحدة، مما يعيد إلى الأذهان حملة الاغتيالات بالطائرات دون طيار في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، التي استهدفت مواطنين أمريكيين دون محاكمات.
لكن إدارة ترامب ذهبت أبعد، إذ تصنف الكارتلات كـ"إرهابيين" بشكل تعسفي، مما يبرر عمليات قتل خارج نطاق القضاء، "وفق الغارديان".
وتابعت الصحيفة أن "هذا النهج لا ينتهك مبادئ العدالة فحسب، بل يهدد بحدوث خسائر مدنية، كما حدث في حرب المخدرات بالفلبين، التي أودت بحياة آلاف الأبرياء وأدت إلى اتهام الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي بجرائم ضد الإنسانية".
كما تُظهر التجارب أن مثل هذه العمليات تؤدي إلى نتائج عكسية، فهي تعيق جمع المعلومات الاستخباراتية وتقلل من تعاون الحكومات الأجنبية، خاصة المكسيك؛ بسبب ردود الفعل السلبية محلياً، إضافة إلى أنها قد تعرقل جهود ترامب للحد من الهجرة غير النظامية، التي يربطها بتجارة المخدرات.
وبدلاً من العمليات العسكرية، ترى "الغارديان" أن معالجة وباء المخدرات، مثل الفنتانيل، تتطلب التركيز على تقليل الطلب داخل الولايات المتحدة من خلال معالجة الإدمان والظروف الاجتماعية المسببة له، كما أن استهداف شبكات تمويل الكارتلات سيكون أكثر فاعلية من عمليات القتل "خارج القانون".