مدير منظمة الصحة العالمية يدعو إسرائيل إلى وقف "كارثة" المجاعة في غزة
فتح تغير موقف رئيس التشيك بيتر بافيل بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية باب التساؤلات، لا سيما أن براغ شهدت تحولات جذرية في سياستها، بعد أن كان بافيل يدعو، سابقًا، إلى إنهاء الصراع عبر الحوار.
وأثار تصريح الرئيس التشيكي الجديد بالسماح لـ60 مواطنًا تشيكيًا بالانضمام إلى القوات الأوكرانية، انتقادات من الجانب الروسي، حيث عبّر وزير الخارجية سيرغي لافروف والمتحدثة باسم الكرملين ماريا زاخاروفا عن مخاوفهم من هذه الخطوة التي يرونها تهدد سلامة المواطنين التشيك، وتزيد من توتر العلاقات الدولية.
التشيك أم "الناتو"؟
وعلّق الخبراء والمتخصصون في الشؤون الروسية على خطوة الرئيس التشيكي بالسماح لمواطنين تشيكيين بالقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، واعتبر بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن هذه الخطوة لا تعني دخول الناتو في الحرب، إذ إن الحلف لم يتخذ قرارًا بإرسال قواته لدعم أوكرانيا، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد عالمي خطير.
وأشار البني إلى أن "الناتو" حتى الآن يدعم أوكرانيا عبر توفير الأسلحة والتدريب والمستشارين، لكنه لم يرسل قوات نظامية مباشرة، حيث يُعتمد على المتطوعين والخبراء والمرتزقة في الصراع، والذين يتم استهدافهم من قبل القوات الروسية.
وأوضح البني في تصريحه لـ"إرم نيوز" أن روسيا، بما تملكه من قوة عسكرية ضخمة، تجعل شن حرب مباشرة ضدها خيارًا غير عملي بالنسبة إلى الدول الغربية.
وأكد البني أن سماح الرئيس التشيكي لمجموعة صغيرة من المتطوعين بالمشاركة لن يكون له تأثير كبير على مسار الحرب، وأن العدد المقبول للقتال، والذي بلغ 60 فردًا فقط من أصل 181 طلبًا، يعكس أن هذه الخطوة لا تهدف إلى تصعيد كبير أو إلى تقديم دعم ملموس.
ووصف المحلل الأوروبي كارزان حميد قرار بافيل بأنه يمثل "تحولاً خطيرًا" ويعكس توجهًا أوروبيًا لدعم كييف لوجستيًا وعسكريًا في مواجهتها مع روسيا، خشية أن يؤدي فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة إلى وقف الدعم لأوكرانيا.
وأشار حميد في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى أن روسيا تدرك جيدًا أن أكثر من 52 دولة غربية تدعم أوكرانيا بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يجعل موقفها أكثر صعوبة ويعمّق الصراع، مما يعرض أوروبا لمخاطر الهجمات الروسية.
وأوضح أن السياسات الروسية الحالية تستند إلى ما تعتبره موسكو "رد فعل" على التوسع الغربي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي ساهم في تشكيل الموقف المتشدد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يحظى بدعم كبير من الشعب الروسي وفقًا للسياسات الروسية الرسمية.
وأشار كارزان حميد إلى أن الأوروبيين يسعون إلى كسر قوة موسكو العسكرية في الصراع الأوكراني بأي وسيلة، لكنهم قد يغفلون عن أن هزيمة روسيا عسكريًا وسياسيًا قد ترتد بشكل عكسي على أوروبا.
ويعتقد المحللون أن روسيا قد تستجيب بتوسيع نطاق هجماتها لتشمل مختلف الدول الأوروبية.
ويضيف حميد أن التحرك الروسي تجاه الغرب هو نتاج تاريخي يعود إلى انهيار الاتحاد السوفييتي، وما رافق ذلك من توسيع نفوذ الدول الغربية على حساب روسيا، مما عزز من موقف بوتين المدعوم من شريحة كبيرة من الشعب الروسي.
ومن وجهة نظر روسيا، فالدعم الغربي لأوكرانيا لا يعد سوى استكمال لنهج قديم من الضغط على موسكو ومحاولة تقويض دورها الإقليمي، وهو ما تعتزم روسيا مقاومته بشتى السبل، سواء كان عسكريًا أو سياسيًا.
ويشير حميد إلى أن التوترات بين روسيا والغرب تفاقمت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وهو ما جعل موسكو تشعر بتهديد متزايد من توسع "الناتو" في أوروبا الشرقية، الذي يعتبره الكرملين جزءًا من إستراتيجية الحصار الغربي لروسيا.
ويعتقد بعض المحللين أن هذه المخاوف تعززت في عهد الرئيس بوتين، الذي يرى في سياسة الغرب تهديدًا لأمن روسيا القومي، ما دفعه لتبني سياسة مواجهة تتضمن تعزيز القدرات العسكرية الروسية واستعراضها عند الضرورة، وهو ما يتضح في الصراع الحالي مع أوكرانيا.
ويلفت حميد إلى أن الأزمة الراهنة ليست فقط مواجهة بين روسيا وأوكرانيا، بل هي صراع أوسع بين موسكو والغرب حول النفوذ الإقليمي والتحكم بموازين القوى العالمية.
ويرى المحللون أن التحديات الأوروبية والأمريكية في هذا السياق تتطلب تفكيرًا إستراتيجيًا محنّكًا لتجنب توسع دائرة الصراع والحفاظ على الاستقرار العالمي، حيث أن أي تغيير مفاجئ في السياسة الأمريكية، خاصة مع عودة ترامب للرئاسة قد يُحدث تحولات غير متوقعة في مسار الأزمة، وفق تقديرهم.