مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا
بدأت موسكو تنفيذ توجيهات الرئيس فلاديمير بوتين، بالتجهيز لاستعدادات ميدانية لاختبارات نووية محتملة، ردًا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نية واشنطن العودة إلى التجارب النووية بعد توقف استمر أكثر من 30 عامًا.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو تعمل على تنفيذ أمر بوتين بإعداد مقترحات لاختبار نووي محتمل، موضحًا أن بلاده لم تتلق أي إيضاح من واشنطن حول أوامر ترامب.
من جهتها، كشفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن الاختبارات الروسية تهدف إلى ضمان فعالية وموثوقية القوات الاستراتيجية، مشددة على أن موسكو ستتخذ خطوات منهجية للحفاظ على جاهزية الردع الوطني.
وتتزامن هذه التصريحات الروسية مع تكثيف موسكو من تجاربها العسكرية المتقدمة، والتي شملت اختبار طوربيد "بوسيدون" النووي تحت الماء والمعروف بسلاح يوم القيامة، القادر على حمل رأس نووي بقدرة تدميرية تفوق صاروخ سارمت.
واستكملت روسيا اختبار صاروخ "بوريفيستنيك" المجنح ذي الدفع النووي والمدى غير المحدود، الذي حلق 15 ساعة قاطعا 14 ألف كيلومتر، بالإضافة إلى إجراء إطلاق تجريبي لصاروخ "يارس" البالستي العابر للقارات من قاعدة بليسيتسك الفضائية.
في المقابل، فجر الرئيس ترامب موجة من الجدل بإعلانه أن بلاده ستبدأ فورًا في اختبار الأسلحة النووية لضمان تفوقها على روسيا والصين، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تمتلك ما يكفي من الأسلحة النووية لتفجير العالم 150 مرة.
لكن هذا التصعيد لم يجد طريقه إلى المؤسسات التنفيذية الأمريكية، خاصة أن وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت، نفى وجود خطط لإجراء تفجيرات نووية موضحًا أن الهدف هو تطوير بدائل تكنولوجية متقدمة.
ولم تخفِ الأمم المتحدة قلقها، حيث دعا متحدثها الرسمي إلى منع أي تجربة نووية تحت أي ظرف، وقال فرحان حق، مساعد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المخاطر النووية الحالية مرتفعة للغاية في شكل ينذر بالخطر، ويجب تجنب جميع الإجراءات التي قد تؤدي إلى سوء تقدير أو تصعيد تكون له عواقب وخيمة.

وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، إن ما طلبه الرئيس بوتين في ملف التجارب النووية هو دراسة الاحتمالات وليس البدء في تنفيذ التجارب فعليًا، موضحًا أن هذه الخطوة تمثل رسالة سياسية موجهة إلى الولايات المتحدة، مفادها بأنه إذا قررت واشنطن إجراء تجارب نووية فإن موسكو ستكون جاهزة للرد بخطوات مماثلة.
وأضاف الأفندي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن تصريحات، ماريا زاخاروفا، بهذا الشأن تُظهر أن وزارة الخارجية الروسية باتت تتصرف وكأنها وزارة دفاع، مشيرًا إلى أن تصريحاتها لا تعبّر عن موقف الكرملين الحقيقي، وذلك نتيجة ضعف أداء الخارجية الروسية في إدارة الملف المتعلق بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، وفق تقديره.
وأشار إلى أن هناك عداءً شخصيًا متبادلاً بين الخارجية الروسية ونظيرتها الأمريكية على المستوى الفردي، خاصة أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، من أصل كوبي، ويتخذ مواقف متعصبة ضد روسيا، وهو ما يقابله موقف مشابه من نظيره لافروف الذي يتشبث بقراراته الخاصة.
وأكد الأفندي أن بوتين كلف مجلس الأمن الروسي بإعداد دراسة شاملة حول هذا الموضوع، في حين تم استبعاد لافروف من الاجتماع، رغم أن زاخاروفا عضو في المجلس ذاته.
وشدد المحلل السياسي على أنه لا ينبغي أخذ تصريحات زاخاروفا بجدية، خاصة أن موسكو تدرك جيدًا أن رد فعل ترامب بشأن سباق التسلح جاء بعد إعلان روسيا إطلاق صواريخ باليستية جديدة قادرة على حمل رؤوس نووية، ما غيّر "معادلات الردع" على نحو كامل.
وأشار إلى أن من بين هذه الصواريخ صاروخ يوروفستيك، موضحًا أن تصعيد ترامب الإعلامي حول ملف التجارب النووية جاء كرد مباشر على هذه التطورات الروسية.
وأكد الأفندي، أن ما يجري حاليًا بين روسيا والولايات المتحدة هو "حرب سياسية" أكثر من كونه مواجهة نووية فعلية.
من جهته أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، أن جميع الخطوات التي تتخذها موسكو حاليًا في ظل تصاعد التوتر مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة تُعد ردود فعل على ما وصفه بـ"الاستفزازات" المتواصلة من الجانب الغربي.
وأشار أيوب، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى أن الحديث عن احتمال استعداد روسيا لإجراء تجارب نووية يجب أن يُفهم في سياق رد مقابل على تحركات إدارة ترامب رغم أن هذه الخطط لا تُعلن رسميًا.
وأضاف أن روسيا لم تبدأ أي تجربة نووية حتى الآن، ولم تخرق معاهدة حظر التجارب النووية رغم انسحاب بعض الأطراف منها، مشيرًا إلى وجود "سوء فهم" لتصريحات ترامب التي توحي بأن موسكو بدأت فعليًا في التجارب أو زودت صواريخها برؤوس نووية.
وأوضح المحلل السياسي أن روسيا "تستخدم محركات تعمل بالطاقة النووية في بعض صواريخها الاستراتيجية، وهو أمر مختلف تمامًا عن التجارب النووية".
وأكد أيوب أن ما تقوم به الولايات المتحدة يُعد استفزازا سياسيا مباشرا لروسيا، ومحاولة لشيطنة موسكو وتبرير المواقف الغربية أمام الرأي العام الأوروبي، بإظهار روسيا كأنها الطرف الذي يشعل الحروب ويفتعل سباق التسلح النووي.
وأشار إلى أن الواقع الميداني يُظهر أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية هي التي تدفع روسيا إلى الزاوية عبر الاتهامات والإجراءات المتكررة، ما يهدد بانزلاق العالم نحو صراع نووي خطير.
ولفت الخبير في الشؤون الروسية، إلى أن محطة زابوريجيا النووية، وهي الأكبر في أوروبا، تقع اليوم تحت القصف الأوكراني، محذرًا من أن أي محاولة لتخريبها تُعد بمثابة استخدام لسلاح نووي وفق تأكيدات المخابرات الروسية.
وشدد على أن روسيا لم تُجرِ أي اختبارات نووية حتى الآن، لكنها قد تفعل ذلك إذا اقتضت الضرورة، كما لمح بوتين خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي.
وأضاف أيوب، أن التصعيد الحالي خطير للغاية، خاصة مع غياب المعاهدات التي كانت تنظم هذا المجال، بعدما تم تجميد أو إلغاء أغلب الاتفاقيات النووية بين موسكو والغرب، ما يرفع منسوب التوتر الدولي.
وحذر أيوب من أن اللعب بالنار في الملف النووي، سواء من خلال محطة زابوريجيا أو عبر الاتهامات السياسية المتبادلة، قد يدفع إلى تفعيل العقيدة النووية الروسية وإدخال الأسلحة التدميرية المتقدمة في حالة الجهوزية.