ساهمت أسباب عدة في تنامي حظوظ الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، دونالد ترامب، للفوز بمقعد الرئاسة الأمريكية؛ فرغم غيابه عن السلطة منذ 4 أعوام، إلا أن قدراته التي يمتلكها وأفكاره التي لا يتخلى عنها، جعلته "حاضرًا" بقوة.
ولم تقتصر أسباب تصاعد حظوظ ترامب على الاحتياجات الملحّة، التي يبحث عنها الناخب الأمريكي أو الأزمات والقضايا التي تحتاج لحلول جذرية، أو الانقسامات التي يعاني منها الحزب الديمقراطي حول ترشح الرئيس الحالي جو بايدن، وفق محللين وسياسيين من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشاروا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى العديد من الأسباب والنقاط التي جعلت ترامب متواجدًا بقوة بشكل مبكر، وسط توجه استطلاعات الرأي بشكل كبير لصالحه أمام منافسه بايدن، بعد أن كان المرشح الخاسر في انتخابات العام 2020 أمام المنافس ذاته.
وترى عضو الحزب الجمهوري الأمريكي والباحثة السياسية، مرح البقاعي، أن مجموعة من النقاط خدمت ترامب في بقائه بالمشهد السياسي بعد خسارة الانتخابات الماضية، منها شعور الملايين من الشعب الأمريكي الذين صوتوا له، بـ"تعرضه" للظلم بعد خسارته الانتخابات الماضية.
ولفتت البقاعي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى ملاحقة ترامب قضائيًا عندما كان في سدة الرئاسة، سعيًا لعزله عدة مرات، ما جعل من المناصرين له يعتقدون أنه تعرض للظلم، وتأكيده المستمر على أن هناك "غش" حدث في بعض الأماكن خلال انتخابات العام 2020، لذلك كان ينكر فوز بايدن، الأمر الذي احتل مكانة إعلامية أمام الرأي العام.
وقالت إن من الأسباب الأخرى التي ساهمت بتصاعد حظوظ ترامب، الوضع الاقتصادي السيئ في عهد بايدن، الأمر الذي يستغله ترامب خلال ظهوره عبر منصته الخاصة التي يستخدمها للوُجود والظهور الإعلامي.
وأكدت البقاعي أن القضايا التي تلاحق ترامب منذ خروجه من البيت الأبيض العام 2020، وضعته دائمًا في واجهة الإعلام، وساعدته في كسب المزيد من الشعبية، مع اقتناع قطاعات جماهيرية كبيرة بتعرضه للظلم من الإعلام اليساري، لا سيما أن بعض تلك القضايا أُسْقِطَت مؤخرًا.
وحظي ترامب بوجود أقوى إثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها في ولاية بنسلفانيا، الأسبوع الماضي، وفق البقاعي.
وقالت إن ما حدث في هذه الواقعة، رفعت أسهم ترامب لدى الشعب الأمريكي، إذ وصلت استطلاعات الرأي إلى أن 70%، يقبلون أن يكون ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في الانتخابات المقبلة.
ومن جانبه، يرى الخبير في الشؤون الأمريكية، السفير مسعود معلوف، أن ترامب بعد خسارة انتخابات العام 2020، ظلّ مسيطرًا على الحزب الجمهوري، لأفكاره التي تمثل أقصى اليمين وتتطابق مع أفكار الحزب إلى حد بعيد، إذ ينعكس ذلك على ملفات أبرزها الإجهاض والهجرة، لا سيما "اللاتينية" وغير الشرعية عن طريق الجنوب من المكسيك عبر ولاية تكساس، وهذه الأمور مهمة للغاية للأمريكي "الأبيض" المتعصب لـ"أمريكيته".
وقال معلوف، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن ترامب "لعب على أوتار حساسة للجمهوريين، وسيطر بشكل كبير على الحزب، لدرجة أنه أصبح المرشح الرسمي، واختار السيناتور جي دي فانس نائبًا له، لإيمانه بالقضايا نفسها لكونه من أقصى اليمين".
وأشار معلوف إلى أن ترامب، في حال عودته إلى البيت الأبيض، سيتخذ موقفًا مناهضًا لأوكرانيا، موضحًا أن هذا ظهر بجلاء خلال قوله في المناظرة التي أجراها مع بايدن في 27 يونيو/حزيران الماضي، إنه في حال فوزه، سيقوم بحل قضية أوكرانيا، حتى قبل تسلمه منصب الرئاسة.
وأكد أن ذلك سيأتي على حساب كييف، عبر التوافق مع روسيا باستمرار احتلال الأراضي التي تسيطر عليها من أوكرانيا، فضلًا عن توقيفه المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا.
ووصف معلوف الحزب الجمهوري بأنه أصبح الآن "حزب ترامب"، وقال إن "ترامب يسيطر بشكل تام على الحزب إلى أقصى درجة ممكنة، في وقت يهتم فيه الأمريكيون بالاقتصاد".
ولفت إلى ادعاء ترامب بأن الاقتصاد كان جيدًا في فترة حكمه الماضية، بينما يقول بايدن إنه تمكن من خلق 15 مليون وظيفة جديدة خلال 3 أعوام ونصف من فترة رئاسته، وأن ترامب لم يحقق ذلك.
وبدوره، قال المحلل السياسي والإستراتيجي، الدكتور محمد صالح الحربي، إن هناك صعوبة في الاختيار بين برامج وملفات المرشحين في ظل وجود ترامب "صاحب الكاريزما" والقدرة الفائقة في الاستفادة من الأحداث لصالحه، وفق تعبيره.
وأضاف الحربي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه "لم يكن لترامب أي منافس داخل الحزب الجمهوري"في ظل قدرات الرئيس السابق، رغم خسارته الانتخابات الرئاسية الماضية، وهو ما ترجم خلال الانتخابات التمهيدية لـ"الجمهوريين"، عندما انسحب المنافس البارز من أمامه، حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتس.
وأكد أن الحالة نفسها تنسحب على مرشحين آخرين، لأنهم لن يستطيعوا النيل من مرشح مثل ترامب، الذي يؤيده نحو 75 مليون ناخب، وفق التقديرات، إذ بات هناك تصاعد بالوقت الحالي في الحديث عن ما يسمى بـ"الترامبية" كـ"نهج".
وتابع الحربي:"الشعبوية بدأت تطغى داخل الحزب الجمهوري، وهو المسيطر والواجهة، فلا منافس له أمام الجمهوريين، ومعه من الصعب أن يكون البحث عن برامج وملفات".