تواجه تنزانيا تحديًا كبيرًا بعد فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على رحلات الطيران التنزانية المتجهة إليها؛ ما أبعد الطائرات عن الأجواء الأوروبية.
وبحسب موقع "ترافل آند تور وورلد"، فإن الاتحاد الأوروبي برر هذا القرار بعدم التزام شركات الطيران التنزانية بمعايير السلامة، لكن المحللين والمشغلين المحليين يرون أن القرار يتجاوز الاعتبارات التقنية، ليتحول إلى أداة سياسية واقتصادية تهدف إلى الحد من المنافسة الإفريقية في السوق الأوروبية المربحة.
ويقول مشغلو السياحة المحليون، إن الحظر يشبه تموجًا قد يوقف الحجوزات لشهور، مطالبين الحكومة بالتدخل وفتح حوار عاجل مع بروكسل قبل أن تتأثر سمعة البلاد السياحية بشكل أكبر.
من جهة أخرى، تأتي أهمية السوق الأوروبية من كون السياح الأوروبيين يمثلون نحو 35% من نحو 5.36 مليون زائر سنويًّا، ويُقدَّر إسهامهم المالي بنحو 4 مليارات دولار سنويًّا، ومع السعي للوصول إلى 8 ملايين زائر بحلول عام 2030، تصبح أي قيود أوروبية عقبةً رئيسية أمام نمو السياحة التنزانية.
وتكشف مصادر ذات صلة، أن الاتحاد الأوروبي كان فرض هذا الحظر في يوليو، مستندًا إلى مخاوف تتعلق بسلامة شركات الطيران التنزانية، وخصوصًا "إير تنزانيا"، التي تمتلك أسطولًا حديثًا يشمل طائرات "إيرباس إيه 220" و"بوينج 787-8 دريم لاينر"، ورغم امتلاكها لهذه الطائرات الحديثة، فإن الشركة لا تعمل حاليًّا على خطوط مباشرة إلى أوروبا؛ ما يُشير إلى أن القرار يتركز على صورة الطيران التنزاني عامة، خصوصًا للرحلات المتصلة من أوروبا.
ويرى مشغلو السياحة أن الحجة التقنية ليست سوى واجهة؛ إذ يُستهدف من القرار اقتصاديًّا التحكم في خطوط جوية مربحة تربط أوروبا بإفريقيا؛ فأسعار الرحلات من باريس إلى كليمنجارو تصل إلى نحو 1,100 يورو للرحلة الواحدة، وهي خطوط شكَّلت مصدر دخل رئيسيًّا لشركات الطيران الأوروبية، ويخشون أن ينعكس الحظر سلبًا على جاذبية السياحة التنزانية.
من جانبها أبْدت الحكومة التنزانية قلقها من تأثير الحظر في الاقتصاد والسياحة، وأكدت وزيرة السياحة بيندي تشانا أهمية القطاع، مشيرة إلى أن التعليق قد يضر بالجهود الرامية لزيادة أعداد السياح، كما أشار مسؤولون إلى أنهم يعملون على حل المشكلة عبر القنوات الدبلوماسية لضمان استقرار السوق السياحي.
من جهتها، دعت جمعية مشغلي السياحة التنزانية (TATO) الحكومة إلى التحرك السريع لمعالجة الحظر، واقترح رئيس الجمعية ويلي تشامبولو الاستعانة بالاتحاد الأفريقي والمجتمع الشرقي الأفريقي، وطلب الشفافية من الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران (EASA) بشأن الأسباب التقنية للقرار، مع تعزيز هيئة الطيران المدني التنزانية لضمان الالتزام بالمعايير الدولية.
ويرى المراقبون أن تأثير الحظر يتجاوز الطيران ليشمل الاقتصاد السياحي بأكمله؛ ففقدان الزوار الأوروبيين قد يؤثر في الحجوزات الفندقية والأنشطة المحلية وخدمات النقل، مع دعم تدفق الزوار الدوليين لآلاف الوظائف وتوفير دخل للمجتمعات المحلية، خصوصًا في مناطق مثل زنجبار وسيرينجيتي.
وتحذّر جمعية مشغلي السياحة التنزانية (TATO) من أن الحظر قد يردع ليس الأوروبيين فحسب، بل السياح من مناطق أخرى، الذين قد يفسرون القرار على أنه مؤشر لمشكلات أوسع في سلامة الطيران أو اللوجستيات في تنزانيا، كما قد يؤدي تعطّل السفر الجوي إلى زيادة تكاليف الرحلات وتقليل المنافسة؛ ما قد يؤثر في القدرة المالية وإمكانية الوصول للسياحة.
أما داخل شرق أفريقيا، فلا تزال شركات النقل الإقليمية تعمل، وتظل الرحلات إلى زنجبار ودار السلام وكليمنجارو متاحة، مع ضرورة التواصل مع مشغلي الرحلات وشركات الطيران للتحقق من أحدث المعلومات حول المسارات وتوافر الرحلات.