ذهب تقرير لصحيفة "التيليغراف" إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خسر بالفعل حربه التجارية ضد الصين؛ ورجّح أن لا تستسلم بكين نظرا لقوتها المالية والتجارية العالمية.
وبحسب الصحيفة، فقد أخطأت أمريكا في تقدير الصين خطأً فادحا من قبل؛ عندما حوّلت غطرسة القوة المفرطة الحرب الكورية إلى صراع مباشر بين القوات الأمريكية والصينية.
"أكبر دائن لن يُهزم من أكبر مدين"
وتضيف "التيليغراف": وإذا كانت الصين المعدمة والمتخلفة مستعدة لمواجهة أمريكا في أوج قوتها العالمية عام 1950، فمن غير المرجح أن تستسلم الصين اليوم بعد أن أصبحت القوة الصناعية المهيمنة والدائنة المالية في العالم؛ بأصول من النقد الأجنبي تبلغ حوالي 6 تريليونات دولار، إذا أضفنا الحيازات الغامضة للبنوك المملوكة للدولة.
وتساءلت الصحيفة كيف يمُكن أن يُهزم أكبر دائن في العالم على يد أكبر مدين في العالم؛ حيث انهار بالفعل معدل الادخار الأمريكي إلى 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى حين تعتمد الخزانة الأمريكية على المستثمرين الأجانب لتمويل دين وطني يرتفع إلى مستويات غير مسبوقة؛ إذ بلغ بالفعل 122% من الناتج المحلي الإجمالي، مع عجز مالي هيكلي يتراوح بين 6% و7% على مد البصر، يتعين على الخزانة الأمريكية تجديد 33% من ديونها الفيدرالية البالغة 36 تريليون دولار خلال الاثني عشر شهرا القادمة.
الصين تثير الذعر
وعلى الرغم من أنه لم يكن للصين أي علاقة بهزيمة الخزانة الأمريكية الأسبوع الماضي، وهي الكارثة الأبرز في تصرفات ترامب الجنونية؛ إذ كانت هناك أسباب أخرى كثيرة؛ تفكيك غير منظم لـ"تداولات الأساس" من قبل صناديق التحوط التي فوجئت بالفشل؛ وفوق كل ذلك، استسلام الجمهوريين المتشددين بشأن العجز في الكونغرس، الذين كانوا على استعداد للموافقة على حيلة الميزانية التي تسمح لأمريكا بخفض الضرائب وإنفاق تريليونات إضافية تفوق قدرتها على تحمل التكاليف.
لكن من السهل أن نرى كيف يمكن للصين أن تثير الذعر قبل مزادات سندات الخزانة الأمريكية مباشرة إذا رغبت في ذلك.
نظام اقتصادي صيني
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حين انخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة من ذروة بلغت 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى 2.7% اليوم، يتجه ما يقرب من 86% من الصادرات الصينية الآن إلى بقية أنحاء العالم؛ حيث يُحوّل طريق الحرير البحري جزءا كبيرا من دول الجنوب العالمي إلى نظام اقتصادي صيني.
وكما تُعدّ رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" وحدها سوقا أكبر للصين من الولايات المتحدة؛ ويُصنّف معظم دول الشرق الأوسط الآن على أنها مؤيدة للصين أو مائلة إليها على الخريطة الجيوسياسية لشركة كابيتال إيكونوميكس.
المعادن النادرة
ولفتت الصحيفة إلى أن الصين تُسيطر 90% على سلسلة توريد المعادن النادرة اللازمة للروبوتات، وأشباه الموصلات، والطيران، والمغانط، والرادارات، والمركبات الكهربائية، وشبكات الجيلين الخامس والسادس، وإلكترونيات الطاقة، وما إلى ذلك.
استراتيجية الإغراق الجائر
وبينما فرضت الصين بالفعل قيودا على صادرات الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والجرافيت خلال العامين الماضيين، ووسعت الآن نطاقها، يُعد هذا التضييق ليس وليد صدفة السوق الحرة أو الجغرافيا؛ حيث انتهجت الصين سياسة استراتيجية لإقصاء منافسيها عبر الإغراق الجائر، وأجبرت شركات الصهر التابعة لها على زيادة طاقتها التكريرية بشكل مفرط.
وخلصت الصحيفة إلى أنه في حين يُصرّ ترامب على تأكيده للعالم أنه لن يتراجع عن فرض الرسوم الجمركية، وأن "لا أحد سيفلت من العقاب"، لكن الأسواق تُقلّل من شأن كل ما يقوله الآن.
وبينما يُدرك العالم، والصين تحديدا، أن ترامب تراجع عن موقفه ضد كندا والمكسيك بعد اكتشافه أن أسعار السيارات الأمريكية سترتفع بشكلٍ هائل، وأنه لم يجرؤ على فرض رسوم جمركية كاملة على أوروبا، وأنه فكّ حظره على الصين فورا بعد اكتشافه أن سعر هاتف آيفون أمريكي الصنع سيبلغ 3000 دولار.
وباختصار، تقول التيليغراف، يستطيع جميع مُتابعي ترامب حول العالم، باستثناء عددٍ قليلٍ منهم، أن يُدركوا أن خدعته قد انكشفت. وينبغي على الصين أن تضغط على أسنانها، وتنتظر حتى يتمكن ناخبو ترامب من رؤية ذلك أيضا.