في اعتراف ضمني بأن التهديد النووي من الجارة الشمالية لن يختفي، بدأت كوريا الجنوبية ببناء أول مخبأ نووي مدني لها تحت مبنى سكني في سيول، ليكون جاهزاً في 2028.
وسيضم المبنى الذي تبلغ مساحته 2000 متر مربع مناطق تطهير، وأخرى معقمة، ونظاماً خاصاً لإمدادات المياه والصرف الصحي، وعندما لا يكون ملجأً للسكان المحليين من كارثة نووية، سيُستخدم كمركز للياقة البدنية.
ووفق تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، فمن المقرر أن يكون مشروع سونغبا للإسكان العام المبتكر في جنوب العاصمة جاهزاً في عام 2028، وسيتم تجهيزه بملجأ نووي بقيمة 3.4 مليار وون (نحو 10 ملايين دولار).
وسيتم بناء المخبأ على ثلاثة طوابق تحت الأرض، وسيكون قادراً على الحماية ضد الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، ومقاومة هجمات النبضات الكهرومغناطيسية التي يمكن أن تعطل إمدادات الطاقة والاتصالات.
كما تعتزم السلطات المحلية بناء المزيد من الملاجئ في المستقبل، إذ نقلت صحيفة "سيول شينمون" عن مسؤول بالمدينة قوله: "مع تغير طبيعة التهديدات الحديثة، نعمل على توسيع مفهوم ملاجئ الدفاع المدني والترويج له كمشروع تجريبي. الهدف هو إحداث نقلة نوعية في مجال الحماية العملية للمواطنين وإنشاء بنية تحتية أمنية".
ويُبنى المجمع السكني الجديد على موقع سجن، وسيضم 16 مبنى آخر بارتفاع 22 طابقاً، تضم 1240 شقة، أي أكثر من عدد الأماكن في الملجأ. ولم توضح السلطات كيفية توزيع الأماكن في الملجأ في حالة الإبادة النووية الحرارية، ومن سيتم استبعادهم.
يوجد في كوريا الجنوبية 19,000 ملجأ للقنابل، لكن جميعها تقريباً مصممة لمقاومة الهجمات التقليدية فقط. وقد شُيّدت في العقود التي أعقبت الحرب الكورية (1950-1953)، عندما شهدت البلاد واحدة من أعنف حملات القصف في التاريخ على يد الولايات المتحدة.
أسقطت الولايات المتحدة 635 ألف طن من القنابل، بما في ذلك 33 ألف طن من النابالم، على المناطق التي احتلتها القوات الكورية الشمالية والصينية، وهو ما يزيد عن الكمية التي ألقتها خلال حملة المحيط الهادئ بأكملها في الحرب العالمية الثانية.
وفي الآونة الأخيرة، واجه الكوريون الجنوبيون أكثر من 13 ألف مدفع مدفعية كورية شمالية بعيدة المدى، متمركزة على طول المنطقة منزوعة السلاح التي تقسم الدولتين، وقادرة على شن قصف مكثف على مدينة سيول الكبرى، على بعد 30 ميلا فقط من الحدود.
وتمتلك كوريا الشمالية اليوم أيضاً عشرات الرؤوس الحربية النووية ووسائل إطلاقها، بدءاً من صواريخ كروز قصيرة المدى فصاعداً. ويوم الجمعة، وخلال عرض عسكري في بيونغ يانغ، استعرضت صاروخ هواسونغ-20، أحدث صواريخها الباليستية العابرة للقارات، القادر على ضرب البر الرئيس للولايات المتحدة.
ورسمياً، تلتزم كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بتحقيق نزع السلاح النووي الكامل من الشمال، أما عملياً، فيعتبر كيم جونغ أون رادعه النووي بمثابة "الدرع والسيف" اللذين يضمنان بقاء نظامه.
وبعد توليه منصبه بفترة وجيزة، بدا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يقبل الوضع الرسمي لكوريا الشمالية كدولة مسلحة. وقال في إشارة إلى كيم: "إنه قوة نووية".
وفي السياق الدبلوماسي، يُستخدم هذا التعبير عادة للإشارة فقط إلى الدول النووية الخمس المعترف بها، الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة، ويعني ضمناً قبول الوضع النووي والتخلي عن جهود نزع السلاح.
وقال رئيس كوريا الجنوبية، لي جاي ميونغ، إنه واقعي بشأن احتمالات نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية، لكنه يأمل أولاً في تحقيق تجميد تصنيع بيونغ يانغ للرؤوس النووية والصواريخ.