logo
العالم

بـ"أسلحة" جديدة.. اليمين المتطرف في فرنسا يستعد لمعركة الموازنة

مارين لوبانالمصدر: رويترز

في ظل مناخ اقتصادي متقلب، وأزمة سياسية متصاعدة في فرنسا، يجد حزب التجمع الوطني (RN)، بقيادة مارين لوبان، فرصة نادرة لتعزيز موقعه السياسي عبر معركة الموازنة العامة.

فبعد إخفاق محاولتها السابقة لدفع البلاد نحو حل البرلمان، تتجه لوبان إلى استثمار النقاشات المالية لتقديم حزبها كقوة "مسؤولة" قادرة على حماية الاقتصاد الفرنسي من الفوضى والضرائب المرهقة. 

أخبار ذات علاقة

زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لو بان

نجاة حكومة لوكورنو من حجب الثقة تضع مارين لوبان في "مأزق‎"

"معارضة مؤثرة"

وبعد فشل استراتيجية لوبان التي كانت تهدف إلى إحداث صدمة سياسية تؤدي إما إلى حل الجمعية الوطنية، أو استقالة الرئيس إيمانويل ماكرون، قررت زعيمة اليمين المتطرف تغيير النهج.

وتعود لوبان اليوم إلى تكتيكها السابق الذي اعتمدته بعد الانتخابات التشريعية المبكرة العام 2024، حين أعلنت أن حزبها سيصبح "معارضة مؤثرة"، كما وصفه رئيس الحزب الشاب جوردان بارديلا.

ونقلت صحيفة "لوفيغارو" عن أحد نواب الحزب، قوله: "الآن سيُرهقوننا بنقاشات الموازنة، لكن هذه الحكومة لن تصمد، خلال ثلاثة أسابيع ستُسقط بالتصويت".

غير أن تصويت الجمعية الوطنية على مذكرتي حجب الثقة أظهر العكس، إذ فشل كلٌّ من حزب "فرنسا الأبية" و"التجمع الوطني" في إسقاط حكومة سيباستيان لوكورنو.

شروط لوبان 

ولم تنتظر لوبان طويلًا لتحدد موقفها من مشروع قانون المالية ومشروع تمويل الضمان الاجتماعي، إذ طالبت في منشور عبر "إكس"، لوكورنو بتعديل عاجل لضمان الجدوى القانونية لتعليق إصلاح نظام التقاعد قبل عرضه على الجمعية الوطنية.

بهذه الخطوة، تحاول لوبان تجنب تمرير التعديل عبر بنود الموازنة، وتقديم نفسها كمن تدافع عن العمال والمتقاعدين ضد السياسات "غير العادلة".

تلميع الصورة الاقتصادية

في أروقة البرلمان، يبدو واضحًا أن نواب حزب لوبان ينوون خوض معركة الموازنة بعقلية الربح السياسي الأقصى.

ويقول أحد قياديي الحزب: "سنكون السدّ الأخير أمام جنون اليسار في فرض الضرائب، خصوصًا في ظل غياب نواب حزب النهضة والجمهوريين عن الجلسات".

الواجهة الاقتصادية لهذه الحملة سيكون النائب جان-فيليب تانغي، المسؤول المالي الأول في الحزب، والذي يستعد لتقديم "موازنة وطنية بديلة" يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تُمثل تصورًا قوميًا لإدارة المالية العامة الفرنسية.

"لسنا من يزعزع الاقتصاد"

ويؤكد قيادي في الحزب أن هذه الموازنة البديلة، ومعها "البرنامج الاقتصادي الكامل"، ستكون الأداة الأساسية لإقناع الرأي العام والمستثمرين بأن التجمع الوطني حزب جاد ومسؤول اقتصاديًا.

ويضيف: "هدفنا أن نُثبت أننا البديل الموثوق، القادر على حماية المال العام دون خضوع للوبيات أو مؤسسات خارجية" وفق تعبيره.

وجاءت التطورات الأخيرة لتدعم سردية الحزب، ففي مساء الجمعة، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لفرنسا، مشيرة إلى مستوى غير مسبوق من عدم اليقين المالي بسبب ضعف الأغلبية السياسية، ما دفع أحد نواب لوبان إلى القول: "أترون؟ لسنا نحن من يزعزع الاقتصاد الفرنسي، بل غياب الأغلبية، وسياسات الرئيس إيمانويل ماكرون هي السبب الحقيقي".

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو

فرنسا.. نجاة لوكورنو من سحب الثقة تمهد لمعركة برلمانية حول موازنة 2026

اختبار لليمين المتطرف

ويرى محللون اقتصاديون أن لوبان تحاول إعادة تعريف دور حزبها بعيدًا عن الصورة الشعبوية، عبر تبني خطاب اقتصادي محافظ ومسؤول.

لكن في المقابل، يبقى السؤال قائمًا: هل يستطيع حزبٌ لم يتولّ السلطة يومًا أن يقنع الأسواق والمستثمرين بأنه البديل الآمن؟.

وفي كل الأحوال، يبدو أن معركة الموازنة ستكون أكثر من مجرد نقاش برلماني؛ بل اختبارا لقدرة اليمين المتطرف على إدارة الملف الاقتصادي الأهم في فرنسا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC