مع اقتراب الموعد النهائي لتمويل الحكومة الفيدرالية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، يتجدد الجدل السياسي في واشنطن حول احتمالية إغلاق جديد قد يحمل تداعيات واسعة على المشهد الأمريكي.
ورصدت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها أن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، إذ تبدو المخاطر السياسية أكبر، في ظل تصاعد الضغوط على الحزب الديمقراطي لمواجهة الرئيس دونالد ترامب، وسط تهديدات البيت الأبيض باتخاذ خطوات صارمة في حال حدوث الإغلاق، أبرزها تسريح أعداد كبيرة من الموظفين الفيدراليين.
تكرار الحديث عن إغلاق الحكومة أصبح حدثًا شبه دوري في الولايات المتحدة، إلا أن الظروف الحالية تمنحه أهمية خاصة. ويجد الديمقراطيون أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر؛ فإما الانصياع لمطالب قاعدتهم الشعبية التي تدفعهم إلى اتخاذ موقف صارم ضد ترامب، أو التصويت مع الجمهوريين لضمان استمرار تمويل الحكومة، مقابل الحصول على تنازلات تتعلق بزيادة الدعم لأقساط التأمين الصحي.
لكن أي قرار يتخذونه قد يعرّضهم لانتقادات سياسية، كما حدث مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي واجه ردود فعل سلبية بعد تصويته في مارس/آذار الماضي لصالح إبقاء الحكومة مفتوحة.
المعركة المقبلة لا تقتصر على الأرقام في الموازنات، بل تتعلق كذلك بالرمزية السياسية والصورة الإعلامية. فترامب، بحسب مراقبين، قد يسعى إلى استثمار أي مواجهة مع الديمقراطيين لتقديم نفسه مدافعًا عن مصالح الأمريكيين في مواجهة ما يصفه بـ"عرقلة المعارضة". وفي المقابل، يدرك الديمقراطيون أن أي تنازل مبالغ فيه قد يُضعف ثقة جمهورهم بهم قبل عام انتخابي بالغ الحساسية.
البيت الأبيض، من جانبه، يستخدم لغة التهديد المباشر عبر التلويح بفصل الموظفين في حال توقف التمويل، في خطوة يرى محللون أنها تهدف إلى ممارسة ضغط نفسي وسياسي على الديمقراطيين، وإلقاء مسؤولية الأزمة على عاتقهم أمام الرأي العام.
وفي قراءة لتأثيرات هذه المواجهة، يؤكد خبراء أن معركة تمويل الحكومة لن تكون مجرد نقاش تقني حول بنود الميزانية، بل اختبارًا سياسيًا قد يحدد ملامح العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس خلال المرحلة المقبلة. كما أن نتائجها قد تترك أثرًا مباشرًا على مسار الانتخابات، سواء عززت موقف ترامب كزعيم قادر على فرض إرادته، أو منحت الديمقراطيين فرصة لإظهار قدرتهم على كبح جماحه.
في النهاية، يظل السؤال مفتوحًا: هل يكون إغلاق الحكومة هذه المرة ورقة رابحة بيد ترامب، أم يتحول إلى عبء سياسي على إدارته؟