بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، دخل الصراع مرحلة جديدة مع تصاعد الهيمنة الروسية وتراجع القوات الأوكرانية على عدة جبهات.
وفي ظل هذه التطورات، أسفر الاتصال الأخير بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب عن التوصل إلى هدنة لمدة 30 يومًا، تهدف إلى وقف الاعتداءات على منشآت الطاقة والبنية التحتية، إضافة إلى بدء تبادل الأسرى بين الجانبين.
ورغم أن هذه الهدنة قد تفتح الباب أمام مفاوضات جديدة، إلا أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن روسيا هي الطرف المسيطر.
وبينما يُنظر إلى الهدنة كاختبار لجدية الطرفين في تحقيق السلام، يرى خبراء أنها تعكس انتصار روسيا في صراع طالما اعتُبر حربًا بالوكالة بين موسكو وحلف الناتو.
المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، أكد أن الحرب الروسية الأوكرانية، التي دخلت عامها الرابع، أظهرت نجاح موسكو في فرض سيطرتها وهيمنتها على أوكرانيا.
وأوضح أن روسيا تمكنت من بسط نفوذها على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، تشمل مقاطعات دونيتسك، ولوغانسك، وزاباروجيا، وخيرسون.
وأشار أيوب، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن القوات الأوكرانية بدأت تتراجع في المناطق التي سيطرت عليها سابقًا، خاصة في مقاطعة كورسك الروسية، حيث أصبحت شبه محاصرة، وأن الخيارات المتاحة أمام هذه القوات تنحصر بين الاستسلام أو الموت، في ظل التقدم الروسي المستمر.
وأوضح أيوب أن تبادل القصف بين موسكو وكييف باستخدام المسيرات لا يزال مستمرًا، مشيرًا إلى أن اتفاق الهدنة لمدة 30 يومًا قد يؤدي إلى تراجع العمليات القتالية، خاصة على المنشآت الحيوية والبنية التحتية.
وأشار أيوب إلى أن الهدنة التي جرى التوصل لها بالاتصال الأخير بين ترامب وبوتين خطوة إيجابية، لكنها لا تغير من حقيقة أن روسيا هي الطرف المسيطر في الحرب، موضحًا أن أوكرانيا باتت مضطرة للتفاوض عبر الولايات المتحدة، ولكن وفقًا للشروط التي تضعها موسكو، ما يعكس التفوق الروسي في هذا الصراع.
وأكدت أستاذة العلوم السياسية الخبيرة في الشؤون الروسية، الدكتورة نورهان الشيخ، أن موسكو تمكنت من السيطرة على أجزاء واسعة من الأراضي الأوكرانية في الشمال والشرق، ما سمح لها بفرض شروطها في أي محادثات سلام.
وأوضحت أن هذه الشروط تشمل منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو، وتحييدها عسكريًا، بالإضافة إلى تخفيض عدد قواتها، بحيث لا تشكل تهديدًا لروسيا على حدودها.
وفي تصريحات لـ"إرم نيوز"، أشارت الشيخ إلى أن الهدنة التي تم التوافق عليها بين الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، قد تكون مقدمة لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الرابع.
وشددت على أن روسيا حسمت المواجهة فعليًا، حيث اعتبرت أن الصراع لم يكن مجرد حرب بين روسيا وأوكرانيا، بل كان حربًا بالوكالة بين موسكو وحلف الناتو، الذي سعى لإضعافها عبر الأراضي الأوكرانية.
وأوضحت الشيخ أن إدارة الرئيس ترامب أدركت أن أوكرانيا غير قادرة على هزيمة روسيا عسكريًا، خاصة أن الحلفاء الغربيين، الذين كانوا يطمحون إلى هزيمة موسكو استراتيجيًا، اضطروا إلى الاعتراف بالواقع الجديد، حيث تقدمت روسيا على مختلف الجبهات القتالية، التي تمتد لمسافة تتجاوز 2000 كيلومتر.
وخلصت الشيخ إلى أن هدنة الـ 30 يومًا ستكون اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية روسيا وأوكرانيا في تحقيق السلام، وأن الحرب، بعد ثلاث سنوات من القتال المستمر، استنزفت الأطراف جميعها، ما يجعل البحث عن حل سلمي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.