logo
العالم

من قاعدة يوكوسوكا اليابانية.. برلين ترفع صوتها ضد "الهيمنة الصينية"

من قاعدة يوكوسوكا اليابانية.. برلين ترفع صوتها ضد "الهيمنة الصينية"
وزير الخارجية الألماني يوهان فادفولالمصدر: دويتشه فيله
21 أغسطس 2025، 9:42 ص

أطلق وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول رسالته الواضحة، من أمام السفن الحربية الراسية في قاعدة يوكوسوكا اليابانية، "برلين لم تعد تكتفي بالمشاهدة، بل تسعى لتحمّل عبء أكبر في أوروبا المشتعلة وأمام النفوذ الصيني المتزايد في المحيطين الهندي والهادئ".

وذكرت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية أن إدراك فادفول لرمزية كلماته لم يكن غائبًا عنه. فالعالم لم ينسَ بعد التحالف الألماني-الياباني إبّان الحرب العالمية الثانية؛ ومع ذلك، اختار أن يوجّه رسائل حادة: "لا ينبغي تغيير الحدود بالقوة لا في أوروبا ولا في المحيطين الهندي والهادئ ولا في أي مكان آخر في العالم".

وقبلها بيوم واحد فقط، كان الوزير الألماني قد اتهم الصين بالقيام بـ"أعمال عدوانية" في المنطقة، لترد بكين بلهجة غاضبة محذّرة من "التحريض على المواجهة والتوترات".

أخبار ذات علاقة

سفارة إسرائيل في ألمانيا

ألمانيا تتهم روسيًّا بالتخطيط لهجوم على سفارة إسرائيل

 

لكن "فادفول" بدا مصممًا على المضي قدمًا في خطابه، وهو يدرك أن تصريحاته تُقرأ في ضوء ملف حساس اسمه تايوان.

تايوان… رسالة غير معلنة

حملت كلمات "فادفول" رسالة صريحة: تايوان، الجزيرة الديمقراطية التي تتمتع بحكم ذاتي وتصر الصين على أنها جزء من أراضيها.

وبحسب "دويتشه فيله"،  فبرلين، برغم تمسّكها بسياسة "الصين الواحدة" واعترافها ببكين كالحكومة الشرعية الوحيدة، تحافظ على علاقات اقتصادية وثقافية وبحثية متينة مع تايبيه، وتدعو إلى إعادة توحيد سلمي قائم على التفاهم.

من جانبه، أشار يورغن هاردت، السياسي من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي رافق فادفول في جولته الآسيوية، لـ"دويتشه فيله": "نحن بحاجة إلى إرسال إشارة واضحة إلى الصين، خصوصًا في وقت ما زلنا نكافح فيه من أجل مستقبل أوكرانيا". 

وأوضح أن برلين طرحت على بكين مرارًا مسألة دعمها لروسيا، لكن الردود لم تكن مقنعة، مضيفًا: "انطباعنا واضح: الصين تقف إلى جانب موسكو، ولهذا يجب أن نكون صريحين معها".

الحضور الألماني في آسيا

لم يكن وجود "فادفول" رمزيًا فقط؛ حيث تتمركز القوات الألمانية بالفعل في قاعدة يوكوسوكا، ضمن مهمة دولية لمراقبة تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة على كوريا الشمالية. 

ومن هناك أكد الوزير أن "ألمانيا تريد أن تتحمل المزيد من المسؤولية"، مشيرًا إلى أن "التنافس النظامي يلعب دورًا متزايد الأهمية في علاقاتنا".

وفي كلمته، وصف "فادفول" اليابان بأنها "الشريك المميز لألمانيا في آسيا". هذا الشريك ليس مجرد حليف سياسي، بل أيضًا اقتصادي وتجاري، حيث رافق الوزير وفد تجاري ألماني بارز، بينهم أرند فرانز، الرئيس التنفيذي لشركة Mahle لصناعة مكونات السيارات.

في السياق، شدد فرانز على أن الأزمة الحقيقية تكمن في الاعتماد المفرط على الصين في مجال المواد الخام والمعادن النادرة، متسائلًا: "كيف نتعامل مع هذا الاعتماد، خاصة وأن عدد الموردين محدود عالميًا؟". 

أخبار ذات علاقة

ترامب وزيلينسكي وماكرون وستارمر

"التجربة اليابانية".. 4 خيارات لأوروبا وأمريكا في أوكرانيا

 

وأضاف: "الصين تستغل دورها المهيمن، بينما نرى اليابانيين أكثر استعدادًا عبر إدارة المخاطر بذكاء. نحن هنا لنتعلم منهم".

أرقام تكشف الفجوة

اليابان، كما يوضح الخبراء، خفضت اعتمادها على الصين في المعادن الأرضية النادرة إلى 60% فقط، في حين لا تزال ألمانيا تعتمد بنسبة 90% على بكين.

وفي الوقت الذي تنتج فيه شركة Mahle الألمانية ثمانية ملايين محرك كهربائي سنويًا، فإن أي خلل في إمدادات المعادن النادرة يمكن أن يتحول إلى تهديد استراتيجي.

ومنذ بداية الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 2022، توثقت العلاقات الألمانية-اليابانية أكثر، وذلك بعد تقديم طوكيو مساعدات لكييف تجاوزت 12 مليار يورو، وفرضها عقوبات على موسكو.

وأشار "فادفول" إلى أن الصين تدعم "آلة الحرب الروسية"، مؤكدًا: "ألمانيا ستدافع عن النظام الدولي القائم على القواعد في هذه المنطقة أيضًا"، في إشارة واضحة إلى مضيق تايوان.

وحذّر الوزير من أن "أي تصعيد في مضيق تايوان سيكون له عواقب وخيمة على الأمن والاقتصاد العالميين"، في رسالة موجهة إلى كل من بكين والمجتمع الدولي.

تعاون استخباراتي وعسكري

لم يقتصر التقارب بين برلين وطوكيو على الخطاب السياسي، فمنذ العام 2021، وقّع الطرفان اتفاقية سرية لتبادل المعلومات الاستخباراتية.

كما أرسلت برلين بانتظام سفنًا حربية إلى الموانئ اليابانية، ونشرت مقاتلات يوروفايتر للمشاركة في تدريبات مشتركة، إضافة إلى أن الصناعات الدفاعية في كلا البلدين تدرس بدورها تعزيز التعاون، رغم منافسة الشركات في بعض الأسواق.

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا

لضرب نفوذ الصين.. اليابان تخطط لمشروع اقتصادي ضخم في أفريقيا

 

وقال هاردت، السياسي من الحزب الديمقراطي المسيحي: "تنفق ألمانيا واليابان اليوم مبالغ طائلة على الدفاع؛ ما يُتيح إمكانيات كبيرة". 

وأضاف: "مع أن شركات من كلا البلدين تتنافس أحيانًا - كما حدث مؤخرًا عندما طلبت أستراليا سفنًا يابانية بدلًا من الألمانية - سنعمل قريبًا بشكل أوثق معًا".

وتتابع دول جنوب شرق آسيا هذه التطورات بعين القلق، إذ تخشى أن يشجع اتفاق ضعيف مع موسكو الصين على تبني مواقف أكثر عدوانية في تايوان أو بحر الصين الجنوبي. 

وأكد هاردت أنه "في حالة أوكرانيا، كان علينا أن نعيد النظر في تقييمنا للوضع الأمني ​​في أوروبا"، مشيرًا إلى أن السياسيين الألمان لم يأخذوا التحذيرات القادمة من أوروبا الشرقية وأماكن أخرى بشأن التهديد الذي تشكله روسيا على محمل الجد بدرجة كافية.

 وشدد على أنه  "لا ينبغي أن نرتكب نفس الخطأ مرتين".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC