في وقت يتصاعد فيه تهديد الجماعات المتطرفة لكل دول غرب أفريقيا، بلا استثناء، وجّه عمر أليو توراي، رئيس مفوضية "الإيكواس"، تحذيراً صادماً أمام مجلس الأمن الدولي، معلناً أنه "لن تكون أي دولة في الإقليم هذا اليوم بمأمن من الخطر".
وقال توراي، خلال جلسة عقدت مؤخراً في مجلس الأمن: "رغم أن وسط الساحل لا يزال يحمل نحو 80% من الهجمات الإرهابية وأكثر من 85% من الضحايا، إلا أنه لا توجد دولة واحدة في الإقليم بأكمله آمنة من الخطر".
وذكر رئيس "الإيكواس" أن التنظيمات المتشددة تجاوزت حدود الساحل وحوض بحيرة تشاد، وانتشرت في كل المنطقة، مشيراً إلى أن أنظمة الإنذار المبكر سجلت حتى الآن في عام 2025 أكثر من 450 هجوما إرهابيا أدت إلى مقتل 1900 شخص على الأقل.
ووفق تقرير نشرته مجلة "جون أفريك"، طالب عمر أليو توراي المجتمع الدولي خلال جلسة مجلس الأمن بثلاثة أمور: المساعدة في إعادة بناء الثقة بين دول الإقليم، وتوفير تمويل مستقر ويمكن التنبؤ به، وتعزيز التنسيق بين كل المبادرات الإقليمية والدولية.
ويرصد التقرير كيف بدأ التهديد في شمال شرق نيجيريا على يد جماعة "بوكو حرام"، ثم انفجر في مالي منذ عام 2012، وانتقل تدريجيا إلى بوركينا فاسو والنيجر.
وبحسب التقرير، تشكل هذه الدول الثلاث التي أسست تحالف دول الساحل في سبتمبر/ أيلول 2023، وانسحبت من "الإيكواس" بؤرة الإرهاب الأخطر في القارة الأفريقية بأسرها، مردفاً أن الخطر لم يعد محصوراً في الساحل.
وأضاف: "بدأ المسلحون يزحفون جنوبا نحو دول خليج غينيا، وأصبحت بنين وتوغو وغانا وساحل العاج هدفا مباشرا".
وتتزايد الهجمات الدامية المتكررة لتضرب المناطق الحدودية، وسط مخاوف من فتح جبهة جديدة في غرب الإقليم نفسه، خصوصاً على الحدود السنغالية-المالية.
ولفت التقرير أن جمهورية ساحل العاج، التي عاشت مذبحة "غراند باسام" عام 2016، تشعر أن الخطر بات على أبوابها.
ورغم الجهود الأمنية الكبيرة التي تبذلها أبيدجان، فإن هجمات جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم "القاعدة"، في منطقة "سيكاسو" المالية تُلقي بظلالها مباشرة على الجانب الإيفواري.
أمام هذا الواقع المرعب وفق وصف المجلة، أعلن رئيس مفوضية "الإيكواس"، مؤخرا، أن المنظمة ستعجل بنشر "قوة الإيكواس الاحتياطية" المضادة للإرهاب ابتداء من عام 2026.
ستبدأ القوة بـ1650 جنديا، ثم تتوسع إلى 5 آلاف، مع خطة طويلة الأمد للوصول إلى 260 ألف مقاتل، بعد أن رصدت "الإيكواس" ميزانية أولية قدرها 2.5 مليار دولار لتمويل هذه العمليات.
ويتابع مراقبون بقلق مسألة إمكانية توفير مصادر تمويل هذه القوة، كما يشككون بمصادر تسليحها حيث لا تزال قدرات جيوش المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا محدودة للغاية مقابل تطور قدرات الجماعات المسلحة.
ويشيرون إلى أنه في ظل الغموض الذي يكتنف مصادر تمويل المجموعة والمناطق التي ستنفذ فيها العمليات، فإنه من السابق لأوانه الحديث عن نجاحها أو فشلها.
ورغم التوتر السياسي الحاد بين دول "الإيكواس" وتحالف دول الساحل (مالي - النيجر - بوركينا فاسو)، تدرك "الإيكواس" أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تنجح دون تعاون مع هذه الدول الثلاث.
لذلك كثرت المبادرات الثنائية، ففي فبراير الماضي، زار وفد عسكري سنغالي رفيع باماكو، ووقع اتفاقيات لتأمين الحدود وتبادل المعلومات الاستخباراتية، كما زار وزير الدفاع النيجيري باماكو أيضاً، في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بعد أسابيع قليلة فقط من أول هجوم تتبناه جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في الأراضي النيجيرية.