تشهد المدن الرئيسة في مدغشقر، بما فيها العاصمة أنتاناناريفو، مظاهرات يقودها شباب "الجيل زد" منذ الخميس الماضي، اعتراضًا على انقطاع المياه والكهرباء وارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية.
وقمعت الحكومة هذه الحركة بعنف شديد، ففي أقل من أسبوع قُتل عدة أشخاص على يد الشرطة والجيش المنتشرين في الشوارع، حيث استخدموا الذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع، في وقت استغلت عصابات المجرمين حالة الفوضى للنهب.
ووفقًا لتقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 22 شخصًا وجُرح أكثر من 100، حيث أفاد التقرير بأن "متظاهرين ومارة قُتلوا على أيدي أفراد من قوات الأمن"، وأن آخرين "قُتلوا خلال أعمال العنف والنهب واسعة النطاق التي أعقبت ذلك"، وسط تشكيك وزارة الخارجية الملغاشية في هذه الأرقام.
وبدل فتح حوار مع "جيل زد" حول مطالب توفير الماء والكهرباء والتضخم، قرر الرئيس أندري راجولينا شكر رئيس وزرائه وحل الحكومة، أمس الاثنين، مضيفًا أن بإمكان "الأشخاص غير القابلين للفساد" تقديم سيرهم الذاتية إلى الرئاسة.
وفي خطاب متلفز، أقرّ راجولينا بمسؤولية حكومته عن الإخفاقات، واعتذر للمواطنين قائلاً: "نعتذر عن تقصير بعض الوزراء في أداء مهامهم".
ويرتبط اسم الرئيس الملغاشي بعدة فضائح فساد وتزوير انتخابي، إذ يواجه الآن شبابًا في مدن أخرى مثل توليار وفيانارانتسوا وأنتسيرابي، انتفضوا للمطالبة باستقالته.
وفي منطقة أمبوهيجاتوفو المركزية، اليوم الثلاثاء، حيث كان من المتوقع أن تتجمع مجموعات مختلفة من المحتجين، هتف الحشد: "راجولينا، ارحل"، وهو الذي وصل إلى السلطة لأول مرة في عام 2009 بعد انتفاضة شعبية تحولت إلى انقلاب.
وفي ظل تنظيم محكم عبر منصات التواصل الاجتماعي، دعا المشرفون على حركة "جيل زد" المواطنين إلى الحضور مُزوّدين بالماء والأقنعة والمظلات والبطاريات لمواصلة تصوير الاحتجاجات. كما تم تعيين مُسعفين يُمكن تمييزهم بعلامة صليب أزرق مرسومة على معصمهم الأيسر.
وتشبث أندري راجولينا بالسلطة لعدة سنوات، حتى بعد كارثة انتخابات عام 2023، التي قاطعتها المعارضة، وسط قمع أو منع من الترشح.
ويوضح مراقبون أنه حتى لو اضطرت مدغشقر إلى مواجهة هيمنة الشركات متعددة الجنسيات والقوى الأجنبية، فإن الرئيس يُمثل رمزًا لبلد يعاني من انعدام المساواة، حيث يعيش ثلاثة أرباع السكان تحت خط الفقر.
وأعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فولكر تورك، عن صدمته وحزنه إزاء الخسائر في الأرواح والاعتداءات على المتظاهرين خلال الاحتجاجات، وحثّ السلطات على وقف العنف.
ويستخدم المحتجون علم القراصنة من المانغا "ون بيس"، الذي شوهد خلال الاحتجاجات في إندونيسيا ونيبال، واعتمد للدلالة على اسم الجيل المولود في عام 2000.