شكّلت دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان حزبه إلى إلقاء السلاح وحلّ نفسه، واتخاذ الخيار السلمي والديمقراطي، انعطافة كبيرة في العمل السياسي والعسكري الكردي، ما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كان مسلحو "الكردستاني" سيمتثلون لدعوة أوجلان أم لا.
وجاءت دعوة أوجلان في بيان كتبه من سجنه، ونقله وفد من نواب حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" المؤيد للأكراد، بعد أن أجروا زيارة لأوجلان في السجن.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2024، أيدت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان عرضاً قدمه "دولت بهتشلي" زعيم حزب "الحركة القومية" لأوجلان، يتضمن دعوة حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح.
وقال أوجلان في البيان: "اعقدوا مؤتمراً واتخذوا قراراً. يجب على جميع المجموعات إلقاء أسلحتها، ويجب على حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإلقاء سلاحه".
وأكد أوجلان في بيانه الخيار الديمقراطي، وقال: "لا أحد يستطيع أن يقف في وجه المجتمع، وفكره وحريته، يجب أن نعرف أن الديمقراطية هي كل شيء".
وجاء بيان أوجلان بعد صراع مسلح طويل بين حزب العمال الكردستاني والسلطات التركية، بدأ عام 1984 وخلف أكثر من 40 ألف قتيل، وتخلل الصراع مفاوضات باءت بالفشل، كان آخرها عام 2015، عندما عاد الصراع للتجدد مرة أخرى.
ومنذ عام 1999، يقبع أوجلان في عزلة شبه كاملة بسجن جزيرة "إمرالي جنوبي بحر مرمرة، ولا يتمكن من التواصل مع العالم الخارجي إلا نادرًا.
ورأى المحلل السياسي عصام عزوز أن بيان أوجلان سيترك أثره بشكل متباين على جميع القوى الكردية، وربما يعيد صياغة المشهد الكردي السياسي والحزبي.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "لأوجلان مكانة كبيرة عند القوى السياسية الكردية، لكن لا يمكن التكهن إن كانت دعوته إلى إلقاء السلاح ستنفذ بالسهولة المنتظرة أم لا، وليس من المستبعد أن يكون هناك تردد وجملة من التساؤلات عند بعض الشخصيات الحزبية".
وأشار المحلل عزوز إلى أهمية انتظار انعقاد مؤتمر حزب العمال الكردستاني، الذي طالب أوجلان بانعقاده في بيانه الموجه للحزب، إذ ستظهر طبيعة المواقف وردات الفعل من خلال مجريات هذا المؤتمر.
من جهته، رأى المحلل السياسي مازن بلال، أن حل حزب العمال الكردستاني وإلقاءه للسلاح لن يكون كما يتصور البعض، فقد مضى على أوجلان في السجن قرابة 26 عاماً، وهناك أجيال كاملة كبرت في غيابه، ولربما يكون لهذا أثره على مدى الالتزام بطلب أوجلان.
وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن الحزب انقسم عملياً إلى عدة أحزاب، وبالتالي فإن التزام جميع هذه الأطراف ببيان أوجلان الداعي لإلقاء السلاح بعد حل الحزب لن يكون مضموناً.
وبيّن المحلل بلال أنه "على الأرجح ستجتمع القوى الحزبية في جبال قنديل، حيث يتركز حزب العمال الكردستاني، ليتم اتخاذ القرار، لكن بالنسبة للأحزاب التي انشقت عن الحزب في فترات مختلفة، فمن المرجح ألا تلتزم بكلام أوجلان".
يشار إلى أن عبدالله أوجلان من مواليد عام 1948، أسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وهو حزب يساري يسعى للاستقلال عن السلطة التركية، وقد بدأ أعماله العسكرية منذ 1984، وتخلل الصراع محاولات للسلام لكنها فشلت.