أجرت السلطات الأمريكية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، تمرينًا لمحاكاة عملية إسقاط الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وكشفت النتائج أن ما سيحدث بعد الإطاحة به قد يكون أخطر من حكمه نفسه.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن التمرين كشف أن البلاد ستدخل في فوضى عارمة، مع صراع محتمل بين الجيش والفصائل السياسية المختلفة، إضافة إلى ميليشيات وجماعات متمردة تسعى للسيطرة على الدولة الغنية بالنفط.
وعلى الرغم من موقف ترامب الصارم تجاه مادورو ووصفه له بـ"المجرم وعدو الولايات المتحدة"، فإن التقييمات الأمريكية أكدت أن أي محاولة لإزاحته ستتطلب استعدادات هائلة لمواجهة فوضى محتملة.
وفي حين يضع الرئيس الأمريكي القوات والطائرات والسفن الحربية في مواقع قريبة من فنزويلا، فإن الخبراء حذروا من أن إسقاط مادورو من دون خطة محكمة قد يؤدي إلى انهيار سريع للقيادة الأمنية، مع انتشار النهب والفوضى في الشوارع.
بدورها، أعلنت المعارضة الفنزويلية بقيادة ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل، استعدادها لتولي السلطة مع خطة انتقالية جاهزة للتنفيذ منذ اليوم الأول، ولكنها تواجه تحديات ضخمة في فرض السيطرة على المسؤولين والعسكريين الذين زرعهم مادورو على مدى سنوات؛ إذ من المرجح أن تظهر هذه الطبقة مقاومة، أو حتى اندلاع حرب عصابات من بعض الفصائل الموالية له، وفقًا لتقارير مجموعة الأزمات الدولية.
كما قد يستغل المسلحون في المناطق الحدودية، بما في ذلك مقاتلو جيش التحرير الوطني الكولومبي، الفراغ الأمني للدفاع عن مادورو أو مواجهة أي تدخل خارجي، وقد تؤدي الفوضى المحتملة إلى موجة نزوح جماعي؛ ما يضغط على دول الجوار التي تعاني بالفعل من ملايين اللاجئين الفنزويليين.
من جانبهم اعتبر المسؤولون الأمريكيون الذين شاركوا في تمارين الحرب، أن أي تدخل عسكري لتثبيت الوضع قد يحتاج إلى عشرات الآلاف من الجنود، مقارنة بتدخلات سابقة في هايتي أو بنما، لكن حجم فنزويلا ومساحتها يجعل المهمة أكثر تعقيدًا بكثير.
ويعتقد محللون أن واشنطن تخشى "اليوم التالي" لسقوط مادورو أكثر من "الديكتاتور" نفسه؛ إذ إن إمكانية تثبيت حكومة جديدة بسهولة، تتجاهل تعقيدات الواقع الفنزويلي، وأن أي فراغ في السلطة قد يؤدي إلى صراع طويل الأمد، وفوضى واسعة تهدد الاستقرار الداخلي والإقليمي.
وحتى مع استعداد ماتشادو لانتقال سلس للسلطة، فإن السيطرة على الحكومة والجيش والميليشيات ستظل أكبر تحدٍ، في ظل احتمال استمرار مقاومة بعض الجنرالات الموالين لمادورو، كما أن التحذير الأكبر لا يكمن في إجباره على الرحيل بمجرد الضغط العسكري أو الاقتصادي؛ إذ إن أي "يوم بعد مادورو" سيحتاج إلى خطة متكاملة لإدارة فوضى متوقعة قد تتجاوز قدرة الولايات المتحدة على السيطرة.