رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن محاولات البيت الأبيض تخليص سوق العمل من العمال المهاجرين ستؤدي إلى شلل الرخاء الأمريكي، ما سيضر بالصناعات التي تعتمد على العمالة المهاجرة، من الزراعة إلى قطاع الضيافة، ومن رعاية المسنين إلى الرعاية الصحية.
وأوضحت الصحيفة أن الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة حال دون نشر تقرير الوظائف لشهر سبتمبر/أيلول، ولكن يمكن للأمريكيين أن يكونوا على ثقة تامة بأنه عند صدور الأرقام، فإنها ستؤكد بشكل أكبر تناقض سياسات إدارة ترامب، وستذكر بكل الأضرار التي يُخطط لإلحاقها بالاقتصاد الأمريكي.
وتابعت أنه من المرجح أن يُصاب الرئيس بصدمة نفسية بسبب البيانات التي تؤكد أن الاقتصاد لا يُولّد غير عدد قليل جدًا من الوظائف الجديدة.
بالنسبة لنائب رئيس موظفي البيت الابيض، ستيفن ميلر، يُعزى النمو الضعيف في الوظائف بشكل كبير إلى الحرب على المهاجرين التي خطط لها من مقره في الطابق الثاني من البيت الأبيض.
وينبع هذا الانفصال المعرفي في نهاية المطاف من تزييفٍ مُستمرٍّ تُروّج له الإدارة الأمريكية حول تأثير المهاجرين على الاقتصاد الأمريكي: إن كل مهاجر يُطرد من سوق العمل يُتيح وظيفةً شاغرةً لأمريكي عاطل عن العمل.
وعلى حد تعبير ميلر: "سيُشكّل الترحيل الجماعي اضطرابًا في سوق العمل يحتفي به العمال الأمريكيون، الذين سيُعرض عليهم الآن أجورٌ أعلى ومزايا أفضل لشغل هذه الوظائف".
هذا ما ألهم وزير الزراعة لاقتراح أن يُوكل إلى المزارعين الذين فقدوا قوتهم العاملة جراء حملات إدارة الهجرة مهمة قطف محاصيلهم إلى مستفيدي برنامج "ميديكيد" الذين يحتاجون إلى وظائف للحفاظ على استحقاقاتهم.
وهذا يُفسر غرور جيه دي فانس في أغسطس/آب عندما أشار تقرير حكومي، على نحوٍ غير مُقنع، إلى انخفاضٍ هائل في القوى العاملة المهاجرة وزيادةٍ مُقابلة في عدد الأمريكيين العاملين، وهو نمطٌ تبيّن أنه سرابٌ إحصائي.
وكما يحاول الاقتصاديون مرارًا وتكرارًا شرحه لأمثال فانس وميلر، فإن الاقتصاد لا يعمل بهذه الطريقة. فالمهاجر المُرحّل حديثًا لا يُنتج مواطنًا محليًا يعمل. بل من المُرجّح أن يُؤدي الترحيل إلى تسريح أصحاب العمل للعمال الأمريكيين أيضًا.
وما تُحققه عمليات الترحيل هو تقليل القوى العاملة. فقد تقلصت القوى العاملة المولودة في الولايات المتحدة العام الماضي. ويُعزى بطء التوظيف إلى حدٍ كبير إلى أن طرد المهاجرين يعني وجود عددٍ أقل من العمال الذين يُمكن توظيفهم.
في نهاية المطاف، ستؤدي محاولات البيت الأبيض لتخليص سوق العمل من العمال المهاجرين إلى شلل الرخاء الأمريكي، ما سيضر بالصناعات التي تعتمد على العمالة المهاجرة، من الزراعة إلى قطاع الضيافة، ومن رعاية المسنين إلى الرعاية الصحية. ستتقلص الشركات، بل وستفلس، ما سيعاقب العمال الأمريكيين الذين يكدحون جنبًا إلى جنب مع المولودين في الخارج.
وتستطرد الصحيفة، أنه لا يزال التاريخ الأمريكي يُعلّم الدرس نفسه: إن ازدهار هذه الأرض يعتمد على عمل المهاجرين. فليُعلم أحدٌ ترامب بهذا.
وتضيف يمكن النظر إلى محاولة الترحيل الجماعي السابقة. فقد تم "ترحيل" نحو 424,000 مهاجر غير موثق بين عامي 2010 و2015 في إطار برنامج "المجتمعات الآمنة" خلال إدارة باراك أوباما.
وبدراسة تأثير البرنامج على مكان العمل مع تطبيقه مقاطعةً تلو الأخرى على مدار 4 سنوات، قدّر اقتصاديون من جامعة كولورادو أن الانخفاض بنسبة 3.5% في توظيف المهاجرين مع تطبيق برنامج "المجتمعات الآمنة" كان مرتبطًا بانخفاض بنسبة 0.5% في توظيف المواطنين.
على الجانب الآخر من هذه الديناميكية، وجد الاقتصاديون الذين يدرسون الهجرة خلال العقدين الأولين من هذا القرن أن تدفق المهاجرين أدى إلى رفع أجور العمال الأصليين الأقل تعليمًا، الذين لا يحملون شهادة الثانوية العامة على الأكثر.
وتتابع أن هذه الاستنتاجات تشبه نتائج دراسات موجة الهجرة في أوائل القرن العشرين، التي وجدت أنها حفّزت الإنتاج الصناعي وزادت من فرص العمل للسكان الأصليين. ترك العمال الأصليون الوظائف التي تعجّ بالمهاجرين كالعمال اليدويين، والنُدُل، والحدادين، وما شابههم، وتولّوا وظائف ذات أجور أعلى كرؤساء عمال، وكهربائيين، ومهندسين.
هذه النتائج وغيرها ليست صعبة الفهم. ومهما حاول ترامب وميلر وشركاؤه الترويج لها، فإن فهم تأثير الهجرة يتطلب دراسة تأثيرها على الشركات، التي ستستثمر للاستفادة من العمالة الإضافية، وكذلك على القرارات المهنية للعمال المحليين، الذين سينتقلون إلى وظائف أفضل بعيدة عن متناول المهاجرين.
سيتردد صدى منع المهاجرين من الاقتصاد خارج سوق العمل. فكما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، عندما أدى استبعاد عمال المزارع اليابانيين إلى انخفاض الإنتاجية والإنتاج الزراعيين بدفع المزارعين الأكثر إنتاجية إلى ترك الحقول، فإن طرد الخريجين الأجانب سيُجهد موارد العمالة الماهرة في أمريكا ويحد من عدد الشركات الناشئة.
وتخلص "الغارديان" إلى أن الحد من تأشيرات "H-1B" لن يؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل للمواطنين، بل سيقلل من فرص العمل والمبيعات والأرباح في شركات التكنولوجيا.