شنّ رئيس المجلس العسكري الانتقالي في مالي، الجنرال أسيمي غويتا، حملة اعتقالات استهدفت نحو خمسين ضابطًا، بينهم جنرالان بارزان.
واتُّهم هؤلاء بالتخطيط لـ"زعزعة استقرار" السلطة القائمة، وذلك في خطوة وُصفت بأنها الأوسع منذ استيلاء العسكريين على الحكم عام 2020.
وبحسب ما أوردته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، فإن قائمة الموقوفين شملت شخصيات عسكرية معروفة في مالي، أبرزها الجنرال نِما ساغارا، قائدة سلاح الجو وأول امرأة تشارك في القتال شمالي البلاد عام 2012.
وشمل كذلك الجنرال عباس دمبلي، الحاكم السابق لولاية موبتي، إلى جانب ضباط من الحرس الوطني وسلاح الجو.
وقالت المجلة إن الاعتقالات جاءت عقب اجتماع مغلق أواخر يوليو/تموز في معسكر "كاتي" العسكري، حيث أبدى عدد من الضباط انتقادات لقيادة المرحلة الانتقالية وطريقة التعامل مع الخسائر في جبهات القتال.
منذ انطلاق الحملة في السادس من أغسطس/آب الجاري، يلتزم غويتا والقيادة العسكرية العليا الصمت، ما أثار موجة تكهنات في العاصمة باماكو، لاسيما مع انتشار أنباء على وسائل التواصل الاجتماعي عن أن الخطوة قد تكون مقدمة لتصفية حسابات سياسية داخل المؤسسة العسكرية.
ووفقًا لمصادر مطلعة تحدثت للمجلة الفرنسية، فإن مدير الاستخبارات العسكرية، الجنرال موديبو كوني، لعب دورًا أساسيًا في إقناع غويتا بضرورة "إجهاض أي تمرد محتمل" قبل أن يتطور إلى انقلاب جديد.
واستهدفت الحملة بالدرجة الأولى ضباطًا محسوبين على وزير الدفاع سيديو كامارا، الذي تدهورت علاقته مؤخرًا برئيس المجلس العسكري.
الجنرال نِما ساغارا تُعد من الشخصيات المؤثرة في صفوف الجيش، إذ أسهمت في تمهيد الطريق لوصول مجموعة الضباط الخمسة إلى السلطة عام 2020، غير أن علاقتها بغويتا توترت بعد إقالتها من منصبها في الأمانة الدائمة لمكافحة انتشار الأسلحة الخفيفة في 2021، بسبب قربها من الرئيس الانتقالي المدني السابق باه نداو.
أما الجنرال عباس دمبلي، فقد برز اسمه في معارك استعادة شمال مالي عام 2012، واشتهر بقيادته عملية اعتقال قائد الانقلاب السابق أمادو هايا سانوغو في 2013.
إلا أن مواقفه الأخيرة، خصوصًا مطالبته بكشف حقيقة مقتل مدنيين في مجزرة ديافارابي في مايو/أيار الماضي، أثارت حفيظة القيادة العسكرية.
تزامنت الاعتقالات مع تصاعد الخلاف بين غويتا ووزير دفاعه سيديو كامارا، الذي كان يُلقب بـ"العقل المدبر للمرحلة الانتقالية".
وتشير تقارير إلى أن نفوذ كامارا تراجع بشكل ملحوظ، خاصة بعد أن أبرم غويتا اتفاقًا أمنيًا مع شركة "أفريكا كوربس" الروسية، على حساب مجموعة فاغنر التي جلبها كامارا إلى مالي عام 2021.
في شوارع باماكو، عزز الجيش وجوده خلال الأيام الماضية، وأغلق لفترة وجيزة جسر "فهد" أمام حركة المرور، في مشهد أثار قلق السكان الذين وصفوا الإجراءات الأمنية بأنها "غير اعتيادية".
ويأتي هذا التصعيد قبل أيام من الذكرى الخامسة لانقلاب 18 أغسطس/آب 2020، في وقت يتهم فيه منتقدون غويتا بالابتعاد عن وعود المرحلة الانتقالية، لاسيما بعد توقيعه الشهر الماضي على قانون يمنحه ولاية رئاسية لخمس سنوات قابلة للتجديد "دون تحديد سقف"، ومن دون انتخابات.