ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
في خضم التحولات السياسية والأمنية في إسرائيل، تصاعد التوتر مؤخراً بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، ليثير التساؤلات حول إمكانية تكرار سيناريو وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، الذي أُقيل في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وسط خلافات حادة مع نتنياهو حول إدارة الحرب وسياسات الأمن القومي.
هذا الصراع الجديد يفتح الباب أمام قراءة دقيقة للعلاقات بين قيادات الحكومة الإسرائيلية، ويطرح تساؤلات حول مستقبل السياسات الدفاعية في إسرائيل خلال الفترة القادمة.
وأقال نتنياهو يوآف غالانت العام الماضي، بعد تصاعد خلافات حادة منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، وبرر حينها نتنياهو قراره بأزمة الثقة مع غالانت التي أثرت على إدارة الحرب، مؤكداً أن الإقالة تهدف إلى انسجام مجلس الوزراء، لكن القرار أثار موجة احتجاجات شعبية وسياسية.
واليوم يثير صراع نتنياهو وكاتس مخاوف مماثلة في الداخل الإسرائيلي، بعد تصاعد التوتر حول تعيينات حساسة، أبرزها تعيين المدعي العام العسكري الجديد إيتاي أوفير دون استشارة مسبقة مع رئيس الوزراء، وفق ما نشرته صحيفة "معاريف" العبرية.
وكشفت مصادر مطلعة أن القرار كان منفرداً من كاتس، وأدى إلى شعور نتنياهو بالإحراج، فيما يرى محللون أن هذا الخلاف يعكس صراعاً أوسع داخل حزب الليكود استعداداً للانتخابات التمهيدية المقبلة.
مصادر قريبة من نتنياهو أشارت إلى أن المشكلة الأساسية ليست في التعيينات نفسها، بل في محاولة كاتس إبراز دوره المستقل في الإنجازات العسكرية؛ ما يقلص من تأثير نتنياهو ويعيد إلى الأذهان الصراع التاريخي مع غالانت، الذي حاول أيضاً إدارة ملفات حساسة بعيداً عن إشراف رئيس الوزراء، قبل أن ينتهي بإقالته.
وفي ظل هذه التفاعلات في المشهد الإسرائيلي، يرى حمادة الفراعنة المحلل المختص بالشأن الفلسطيني أن نتنياهو لا يزال الشخصية الأقوى، سواء داخل حزب الليكود أو داخل الائتلاف الحكومي، أو على المستوى الإسرائيلي بشكل عام.
من جانبه، يقول المحلل السياسي والكاتب حمادة الفراعنة إن استثناء قوى المعارضة: بيني غانتس ويائير لابيد وأفيغدور ليبرمان؛ لأن هؤلاء الثلاثة يعملون على إسقاط نتنياهو عبر الإصرار على تشكيل لجنة تحقيق بشأن أحداث السابع من أكتوبر وتداعياتها.
وأضاف الفراعنة لـ"إرم نيوز" أن الخلاف السائد اليوم يتمثل في أن نتنياهو يريد تشكيل لجنة تحقيق شكلية، استجابة شكلية لقرار المحكمة، بينما تصر المعارضة على تشكيل لجنة تحقيق محايدة وحقيقية. ولذلك، فيما يتعلق بالساحة الداخلية، لا يمتلك أي من خصوم نتنياهو الشجاعة اللازمة لمواجهته إلا إذا جرى تشكيل لجنة تحقيق حقيقية يمكن أن تطيح به عبر محاكمته أو تقديمه للمحاكمة.
وتابع: المعارضون لنتنياهو يسعون لمحاكمته استناداً إلى أحداث السابع من أكتوبر وتداعيات ما بعده، حيث فشل نتنياهو في إدارة المعركة، وأخفق في تحقيق نتائج تُذكر، وفشل في إنهاء أو تصفية المقاومة الفلسطينية، كما فشل في إطلاق سراح الأسرى دون اللجوء إلى عملية تبادل.
وبين الكاتب والمحلل السياسي أن التدخل الأمريكي عبر الرئيس دونالد ترامب نقل الصراع من صراع عسكري إلى صراع سياسي؛ إذ جرى تحويل الإخفاق الإسرائيلي الذي يتحمله نتنياهو إلى مسار يخدمه سياسياً، وكان ذلك لمصلحته. وعليه، يبقى تشكيل لجنة تحقيق حقيقية ومحاكمة نتنياهو هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى الإطاحة به أو يشكل مقدمة للتنافس على خلافته داخل حزب الليكود.
ويذهب النائب الأردني عضو لجنة فلسطين جميل الدهيسات إلى مسار آخر بالقراءة، بقوله إن الصراع الحالي بين نتنياهو وكاتس ليس مجرد خلاف سياسي داخلي، بل يمثل انعكاساً لأزمة أوسع في النموذج القيادي الإسرائيلي نفسه.
وأضاف الدهيسات لـ"إرم نيوز" أن إسرائيل تواجه ازدواجية مستمرة بين الحاجة إلى قيادة مركزية قوية لضمان الأمن القومي، وبين الرغبة في تفويض الوزراء بمساحات واسعة من الاستقلالية، وهو ما يولد توترات دائمة بين رئيس الحكومة ووزرائه في الدفاع والسياسة الخارجية.
وأوضح الدهيسات أن كاتس يمثل نموذجاً لمسؤولين إسرائيليين يحاولون إعادة تعريف دور وزير الدفاع من مجرد منصب تنفيذي إلى منصة سياسية مؤثرة، قادرة على توجيه الرأي العام وتحديد أولويات الحرب والسلام، التي توحشت فيها إسرائيل على قطاع غزة وارتكبت فيها جرائم إبادة.
ويشير النائب الأردني إلى أن هذا الصراع يحمل دلالات استراتيجية على المستوى الإقليمي؛ إذ إن أي تصعيد داخلي بين نتنياهو وكاتس قد يؤدي إلى قرارات عسكرية أو سياسية متهورة نتيجة الانقسامات الداخلية، خصوصاً في إدارة قطاع غزة ومتابعة اتفاق وقف الحرب.
ووسط ذلك، يواجه نتنياهو انتقادات من أحزاب اليمين المتطرف داخل الائتلاف الحكومي، حيث شن الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هجوماً لاذعاً على ما وصفاه الصمت والسكوت من قبل نتنياهو على الاعتراف الدولي المتزايد بالدولة الفلسطينية، في حين يستمر كاتس ووزير الخارجية ساعر في تقديم مواقف مستقلة على منصة "إكس"؛ ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويؤكد حالة التوتر المتنامي بين قيادات الحكومة الإسرائيلية.