logo
العالم

بإشراف "مجلس ترامب".. هل تفتح الخطة الأوروبية طريق السلام بين موسكو وكييف؟

ترامب وبوتين في قمة ألاسكاالمصدر: رويترز

في تحول لافت على مسار الحرب الروسية الأوكرانية، كشفت وكالة "بلومبيرغ" أن دولًا أوروبية تعمل بالتنسيق مع كييف على إعداد مقترح متكامل من 12 بندًا لإنهاء الحرب، في إطار رؤية جديدة يُشرف على تنفيذها "مجلس سلام" برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

أخبار ذات علاقة

زيلينسكي في قمة الاتحاد الأوروبي

"نيويورك تايمز": فشل مصادرة الأصول الروسية ضربة موجعة لأوكرانيا

الخطة الأوروبية التي لا تزال قيد الإعداد تمثل أول محاولة غربية جادة منذ شهور لإعادة فتح مسار التسوية السياسية، بعد أن وصلت المعارك إلى مرحلة الاستنزاف الطويل، وأصبح الميدان عاجزًا عن فرض واقع جديد.

وتستهدف المبادرة تجميد خطوط المواجهة الحالية وفرض وقف فوري لإطلاق النار، يتبعه التزام متبادل بعدم تحقيق أي مكاسب ميدانية إضافية.

وتشمل البنود إعادة الأطفال المبعدين وتبادل الأسرى، بالإضافة إلى ضمانات أمنية لأوكرانيا، وتمويل أوروبي واسع لإعادة الإعمار في المناطق المدمرة.

وفي الجانب السياسي، تمنح الخطة أوكرانيا مسارًا سريعًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مقابل رفع تدريجي للعقوبات المفروضة على روسيا، مع الإبقاء على نحو 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة وسيلة ضغط حتى تلتزم موسكو بالمشاركة في جهود إعادة الإعمار.

أما القضايا السيادية، فتُحال إلى مفاوضات لاحقة بين موسكو وكييف حول حوكمة المناطق المحتلة، مع تأكيد أوروبي واضح على عدم الاعتراف بالحدود التي رسمتها روسيا بعد الحرب.

إعادة ترتيب التوازنات

ووفقا للمراقبين، تتردد في أروقة العواصم الأوروبية أحاديث عن زيارة مرتقبة لمسؤولين أوروبيين إلى واشنطن لتقديم خريطة الطريق إلى ترامب، وسط رهان غربي على أن إدارة "مجلس السلام" الجديد قد تكون أكثر قدرة على فرض وقف الحرب وإعادة ترتيب التوازنات.

وبينما تتابع كييف التطورات بحذر، في انتظار ما إذا كانت هذه المرة ستتحول "الورقة الأوروبية" إلى مسار حقيقي نحو إنهاء أطول حروب القارة منذ الحرب العالمية الثانية، يؤكد خبراء أن المقترح الأوروبي لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية يهدف بالأساس إلى كسب دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر منحه دورًا محوريّا كرئيس لـ"مجلس سلام" يشرف على تنفيذ الخطة.

وأشار الخبراء إلى أن البنود الأوروبية تحمل في ظاهرها "إغراءات" لموسكو مثل إعادة الأموال الروسية المجمّدة ورفع العقوبات تدريجيًّا، لكنها في جوهرها لا تقدم تنازلات حقيقية، إذ تسعى إلى تجميد الصراع عند خطوط التماس الحالية دون معالجة جذور الأزمة، وهو ما تعتبره روسيا تكرارًا لخدعة "مينسك" السابقة.

وأضاف الخبراء أن الأوروبيين يحاولون استغلال اندفاع ترامب نحو إنهاء الحرب بأي ثمن لتثبيت نفوذهم في الملف الأوكراني، خاصة أن موسكو لا تزال ترفض أي خطة لا تتضمن ضمان حياد أوكرانيا ومنع انضمامها للناتو.

التفاهمات الأمريكية الروسية 

وقال د. نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية في جامعات موسكو، إن الاتصال الأخير بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتحديد موعد لقمة مرتقبة في بودابست، قبل أن يتم إرجاؤها، أثار قلقًا واسعًا في الأوساط الأوروبية خشية أن يتم تجاوزها في أي تفاهمات أو مفاوضات تخص روسيا وأوكرانيا.

وأكد بوش في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن الأوروبيين شعروا بأن واشنطن وموسكو توصلتا إلى تفاهمات لا تصب في مصالحهم أو في مصلحة كييف؛ لذلك سعوا إلى وضع عراقيل أمام عقد قمة "ترامب – بوتين".

وأشار بوش إلى أن الأوروبيين قدموا خطة سلام تضم 12 بندًا إلى الرئيس ترامب، تتضمن ما يبدو أنها "إغراءات" لروسيا، من بينها إعادة 300 مليار دولار من الأموال الروسية المجمّدة في البنوك الأوروبية.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن هذا البند لا يحمل أي تنازل حقيقي؛ لأن تجميد تلك الأموال لم يكن قانونيًّا بالأساس، وإعادتها تُعد "استردادًا لحق روسي مشروع".

وأوضح أن الخطة تشمل أيضًا رفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا بشكل تدريجي، وهو ما قد يُعتبر مغريًا ظاهريًّا، إلا أن موسكو تبحث عن حل جذري وليس مجرد تجميد للصراع.

تجميد الحرب واتفاقيات مينسك

وبحسب بوش، تتضمن الخطة تجميد الحرب عند خطوط التماس الحالية بين الجيشين الروسي والأوكراني، وهو ما ترفضه روسيا رفضًا قاطعًا؛ لأنه يُعيد سيناريو اتفاقيات "مينسك" التي كانت وفق اعترافات أوروبية مجرد وسيلة لإعادة تسليح أوكرانيا وليس لتحقيق السلام.

وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو، أن البنود الأوروبية الحالية لن تُرضي موسكو ولن تُقبَل بصيغتها المطروحة، لكن الأوروبيين يروجون لها أمام ترامب باعتبارها "خطة سلام متكاملة"، على أمل أن يتبناها.

ولفت إلى أن ترامب، باعتباره رئيسًا للولايات المتحدة وعضوًا في حلف الناتو، قد ينحاز للطرح الأوروبي؛ لأنه يريد إنهاء الحرب بأي شكل ممكن ليظهر أمام الرأي العام كبطل أوقف "أكبر حرب في هذا العصر".

وتابع أن "روسيا قد تقبل ببعض البنود إذا أُضيفت إليها شروط رئيسية مثل ضمان حياد أوكرانيا، ومنع انضمامها إلى الناتو، وعدم الانسحاب من المناطق الأربع التي أعلنت موسكو ضمها، مع الاعتراف الدولي بها كأراضٍ روسية".

وشدد على أن تجاهل هذه الشروط سيجعل الخطة مجرد محاولة لتجميد مؤقت للنزاع، ما يعني تجدد الحرب لاحقًا كما حدث بعد "مينسك"، مؤكدًا أن "السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بتقاطع الخطة الأوروبية مع الرؤية الروسية".

تخبط أوروبي مزمن

من ناحيته، أكد كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، أن القلق الأوروبي يتزايد مع كل مكالمة تجمع الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، خاصة بشأن الملف الأوكراني، حيث تكشف مواقف ترامب اليومية عن حالة تخبط أوروبي مزمنة.

وقال حميد، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن كل لقاء يجمع ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يقابله اجتماع عاجل لقادة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، لمناقشة التطورات ومحاولة إحباط أي مسار تفاوضي يمكن أن يفضي إلى حلول سلمية.

وأوضح أن بروكسل تعلن دعمها للسلام ووقف إطلاق النار دون شروط مسبقة، لكنها خلف الأبواب المغلقة تعمل على عكس ذلك، مستشهدًا بـ"تسريع انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي" دون الالتزام بالمسارات القانونية والمؤسساتية التي تستغرق عادة سنوات طويلة، وفق قراءته.

وأشار المحلل السياسي إلى أن معايير الانضمام، التي تشمل مكافحة الفساد واحترام حقوق الإنسان وعدم خوض حروب، لا تنطبق على أوكرانيا، لكن بروكسل تتجاهلها وتسعى لإدخال كييف عبر "ثغرات قانونية" رغم معارضة دول مثل المجر. 

أخبار ذات علاقة

المبعوث الخاص للرئيس الروسي كيريل دميترييف

مبعوث بوتين يجري مباحثات مع مسؤولين من إدارة ترامب في واشنطن

وأضاف الخبير في الشؤون الأوروبية، أن الأوروبيين يحاولون التأثير على ترامب بإظهاره كـ"قائد لخطة السلام"، رغم أن موسكو قدمت تنازلات ميدانية نادرة مثل الانسحاب من خيرسون وزابوروجيا مقابل التنازل عن دونباس، إلا أن الأوروبيين رفضوا المقترح تمامًا.

واعتبر حميد أن هذا الطرح الروسي كان "فخًّا سياسيًّا" لاختبار وحدة الموقف الغربي، إذ بدا الموقف الأمريكي أكثر مرونة من الأوروبي.

قرصنة أوروبية للأموال الروسية 

وأشار إلى أن أحد بنود الخطة الأوروبية يقضي بإعادة الأموال الروسية المجمدة، بعد أن طُرحت فكرة الاستيلاء على أصول البنك المركزي الروسي لتمويل الاقتصاد الأوكراني، معتبرًا ذلك "قرصنة مالية" تهدف إلى تمويل آلة الحرب وليس دعم الاقتصاد.

وأشار إلى أن المساعدات الأوروبية لأوكرانيا تتراجع بشدة، إذ أظهرت الإحصاءات انخفاض الدعم إلى النصف مقارنة بالأشهر الأولى من العام، ما يعني أن الغرب يبحث عن مصادر تمويل بديلة عبر الأصول الروسية المجمدة.

وأكد أن الخطط الغربية "لم تغير شيئًا على الأرض"، بل تراجعت القدرات العسكرية الأوكرانية بشكل كبير، وفشلت كل محاولات "الهجوم المضاد".

ورأى حميد أنه لو تُرك القرار للأوكرانيين أنفسهم، بعيدًا عن نفوذ زيلينسكي، لأُنهيت الحرب خلال أشهر قليلة، لكن التدخلات الغربية العسكرية والاستخباراتية تعرقل الحلول، خاصة أن الغرب رغم كثرة داعميه الذين يبلغ عددهم أكثر من 50 دولة فشل في وقف التقدم الروسي، وفق تقديره.

وأكد كارزان حميد أن بقاء زيلينسكي في الحكم يعني أن "السلام مع روسيا لن يرى النور"؛ لأن كييف تنفذ مشروعًا غربيًّا بالأساس.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC