يطرح وعيد جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في مالي، بتوسيع ضرباتها التي تستهدف الجيش وأيضًا المدنيين، وهي جماعة تملك فرعًا في بوركينا فاسو كذلك، علامات استفهام بشأن ما إذا كانت هذه التهديدات قد تصل نيرانها إلى دول الجوار التي تعاني أصلًا من موجات نزوح من هاتين الدولتين.
ووجهت الجماعة المرتبطة بتنظيم "القاعدة" ضربات موجعة للجيش المالي، خاصة عندما تسلل عدد من عناصرها مؤخراً إلى العاصمة باماكو التي كان يسودها هدوء لافت ووجهوا ضربات مباشرة لقواعد عسكرية ومنشآت مدنية، ما عده كثيرون استعراضاً يظهر قوة الجماعة وبقية التنظيمات المتطرفة مثل داعش.
وقال الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية عمرو ديالو، إنه "بالفعل على دول الجوار خاصة العربية مثل ليبيا والجزائر أن تأخذ احتياطاتها وبدرجة أقل تونس؛ لأن الحدود اهتزت في أكثر من مناسبة، سواء مع تشاد أو النيجر أو مالي على وقع عمليات إرهابية ما يسهل عملية انتقال السلاح على الحدود مع هذه الدول".
وأضاف ديالو لـ"إرم نيوز"، أن "هناك معطى آخر مهماً وهو قدرة الجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي على تجنيد واستقطاب مدنيين إما يُجبرون على الانضمام لهذه الجماعات بالنظر إلى الفقر والخصاصة اللتين يعانيان منهما، أو بمحض إرادتهم من خلال سرديات تقوم على الجهاد وغير ذلك".
وأكد أن "الجماعات الإرهابية قادرة على إعادة ترتيب صفوفها الداخلية انطلاقاً من الساحل الأفريقي، وقد بدأت في ذلك وهو ما يحتم على الأنظمة في دول الجوار تعزيز إجراءاتها الأمنية وعدم استسهال قدرات هذه التنظيمات".
وأنهى ديالو حديثه بالقول إن "هذه الجماعات نجحت في الحصول على أسلحة متطورة بفضل الأموال التي استولت عليها خلال هجمات خاصة في مالي وبوركينا فاسو وهما دولتان فيهما بيئة رخوة تقدر الجماعات الإرهابية فيها على التحرك باستمرار وبسلاسة".
وقال المحلل السياسي قاسم كايتا، من جهته، إن "الأوضاع صعبة في الساحل الإفريقي، لكن يصعب الجزم بإمكانية تسلل عناصر إرهابية نحو دول شمال إفريقيا أو غيرها لعدة اعتبارات أهمها أن هذه الدول لا تزال تحتفظ بإجراءات أمنية وعمليات استباقية".
وتابع كايتا لـ"إرم نيوز"، أنه "منذ سنوات تراجعت الإخفاقات الأمنية في دول مثل ليبيا والجزائر والأخيرة أصبحت قادرة على القيام بعمليات نوعية واستباقية مثل حجز أسلحة على المناطق الحدودية لكن هذا وحده غير كافٍ؛ حيث تثير التوترات السياسية المتزايدة خاصة بين مالي والجزائر مخاوف مشروعة من أن يؤدي ذلك إلى تراجع التنسيق الأمني وهذا قد يرافقه بالفعل أخطار لذلك في اعتقادي حان الوقت لإعادة لغة الدبلوماسية والحوار بين باماكو والجزائر لتفادي سيناريوهات سيئة".