بعد أيام قليلة من حكم قضائي بإغلاق سجن الهجرة سيئ السمعة "التمساح ألكاتراز" في فلوريدا، طفت على السطح قضية "غامضة" بعد منح إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عقداً بقيمة 1.2 مليار دولار لبناء معسكر احتجاز مهاجرين في صحراء تكساس.
ووفق ما ذكرته وكالة "أسوشيتد برس"، فإن إدارة ترامب منحت العقد الضخم لشركة "أكويزيشن لوجيستكس" لبناء وتشغيل ما يُوصف بأنه أكبر مجمع لاحتجاز المهاجرين في الولايات المتحدة، والذي سيقام في قاعدة "فورت بليس" العسكرية غرب تكساس.
ويثير القرار تساؤلات حول شفافية العملية ومؤهلات الشركة المختارة، التي تفتقر إلى الخبرة الموثقة في إدارة منشآت إصلاحية، مما يزيد من الغموض المحيط بالمشروع، بحسب "أسوشيتد برس".
والشركة المذكورة، وهي صغيرة تُدرج عنوانها منزلاً متواضعاً في ضواحي فرجينيا يملكه ضابط طيران متقاعد يبلغ من العمر 77 عاماً، لم تفز من قبل بعقد فيدرالي يتجاوز 16 مليون دولار، ولا تملك موقعاً إلكترونياً فعالًا.
وهذا الوضع أثار استغراب الخبراء والمراقبين، خاصة مع رفض البنتاغون الكشف عن تفاصيل العقد أو توضيح سبب اختيار هذه الشركة من بين 12 شركة أخرى تقدمت للمناقصة.
وقدمت شركة منافسة، "جيميني تيك سيرفيسز"، احتجاجاً رسمياً إلى مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي، مشككة في قدرة "أكويزيشن لوجيستكس" على تنفيذ المشروع بسبب نقص الخبرة والموارد.
ويُعد هذا العقد جزءاً من جهود إدارة ترامب لتوسيع قدرات احتجاز المهاجرين، تماشياً مع تعهد الرئيس بترحيل حوالي 10 ملايين مهاجر يعيشون في الولايات المتحدة دون وضع قانوني دائم.
وفي هذا السياق، يبرز اللجوء المتزايد إلى استخدام الموارد العسكرية لتنفيذ سياسات الهجرة، وهو ما يمثل تحولًا عن النهج التقليدي الذي كان يعتمد على الوكالات المدنية.
والمنشأة الجديدة، التي يطلق عليها اسم "معسكر شرق مونتانا"، تقع في صحراء تشيهواهوان القاسية، ومن المتوقع أن تستوعب ما يصل إلى 5000 مهاجر، وقد بدأت أعمال البناء، في يوليو/ تموز، حيث نُصبت خيام بيضاء ضخمة تمتد على مساحة 60 فدانا،ً مع خطط لتوسيع السعة في الأشهر المقبلة.أثارت هذه الخطوة انتقادات حادة من نواب الكونغرس ومنظمات حقوقية.
وعبّرت النائبة الديمقراطية فيرونيكا إسكوبار، التي تمثل دائرة فورت بليس، عن قلقها من تكليف شركة غير مؤهلة بإدارة منشأة بهذا الحجم، مشيرة إلى أن المنشآت الخاصة غالبًا ما تعطي الأولوية للربح على حساب المعايير الإنسانية.
كما حذرت ستارة غانديهاري من منظمة "مراقبة الاحتجاز" من أن استخدام القواعد العسكرية قد يعيد إلى الأذهان فصولاً مظلمة من التاريخ الأمريكي، مثل احتجاز الأمريكيين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، مشيرة إلى أن محدودية الوصول إلى هذه المنشآت تزيد من مخاطر الإساءة والإهمال.
من جهة أخرى، يبرر المؤيدون للقرار هذا التمويل بأنه ضروري لمواجهة ما يصفونه بـ"أزمة حدودية"، ومع ذلك، فإن الافتقار إلى الشفافية، كما أشار المحامي جوشوا شنيل، يثير تساؤلات حول نزاهة العملية.
الجيش، بدوره، رفض الكشف عن تفاصيل العقد، مستندًا إلى نزاع قانوني مستمر، بينما لم تستجب وزارة الأمن الداخلي للاستفسارات المتعلقة بالمشروع، فيما تُشير بعض التكهنات إلى أن "أكويزيشن لوجيستكس" قد تتعاون مع شركات أكبر مثل "جيو جروب" أو "كورسيفك"، اللتين أبدتا اهتماماً بالعمل مع البنتاغون.