logo
العالم

لقاء ترامب وزيلينسكي.. "الخلافات الصامتة" تتفجر على مرأى العالم

لقاء ترامب وزيلينسكي.. "الخلافات الصامتة" تتفجر على مرأى العالم
دونالد ترامب وفولديمير زيلينسكيالمصدر: رويترز
01 مارس 2025، 7:02 ص

غطّت بوجهها بالكامل وكأنها تبكي.. كانت هذه هي ردة فعل السفيرة الأوكرانية لدى الولايات المتحدة، أوكسانا ماكاروفا، وهي تتابع أطوار المشادة الكلامية العلنية خلال أول لقاء رسمي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي وصل إلى العاصمة واشنطن في أول زيارة له إلى البيت الأبيض في ظل الولاية الثانية للرئيس ترامب.

وبحسب المختصين لم يكن سقف التوقعات في واشنطن عاليا قبل بشأن إمكانية حصول انفراج سريع بين ترامب وزيلينسكي، لكن الحديث الذي غلب بين جميع الأطراف عن التوصل إلى اتفاق بشأن المعادن الأوكرانية الثمينة وتسليم حقوق التنقيب عنها للولايات المتحدة، رآه كثيرون خطوة إلى الأمام في علاقات الطرفين.. ولكن ماذا بعد اللقاء العاصف؟

أخبار ذات علاقة

ترامب وزيلينسكي خلال اللقاء

بعد مواجهة كلامية محتدمة.. ترامب يكشف شرطه للقاء زيلينسكي مجدداً

وجاء ذلك في ظل استمرار مطالبة الرئيس ترامب الأوكرانيين بمعاملة الأموال الأمريكية على قدم المساواة مع الأموال الأوروبية، عندما قال إن الأوروبيين قدموا مساعداتهم لكييف في صورة قروض، فيما قدمتها الولايات المتحدة خلال إدارة بايدن على شكل مساعدات وهبات، وإن مسؤولي إدارته سيسعون لاسترداد هذه الأموال من الأوكرانيين.

هذا الاتفاق، الذي تعامل معه الجانبان على أنه المكسب المشترك لكليهما، ترى كييف أنه سيجعل أراضيها بعيدة عن المطامع الروسية، فيما تعتبره إدارة ترامب دليلًا آخر لمواطنيها على التزامها الكامل أمام ناخبيها باسترداد الأموال المقدمة لأوكرانيا.

الخلاف بين ترامب وزيلينسكي سابق للولاية الثانية لترامب، فهو قديم في جذوره ويعود إلى الولاية الأولى، لكن تطورات الجبهة مع موسكو خلال الإدارة السابقة جعلت من كييف، وفقا لرؤية تلك الإدارة، حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة في مواجهة مباشرة ضد مشروع بوتين في المنطقة.

وقدمت إدارة الرئيس ترامب رؤية مختلفة تماما عن رؤية إدارة سلفه جو بايدن، فهي ترى أن هذه الحرب غير مجدية ولا طائل منها، ولذلك فإن الرئيس ترامب جعل من أولوياته القصوى التوصل إلى اتفاق لإنهائها في أسرع وقت ممكن.

التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب سيكون مسألة معقدة، لذا سيكون من المفيد لجميع الأطراف القبول بمشروع وقف لإطلاق النار كخطوة أولى، قبل مباشرة عملية دبلوماسية ثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا في مرحلة أولى، على أن ينضم إليها الأوكرانيون والأوروبيون في مرحلة لاحقة.

لقاء البيت الأبيض.. الخلافات الصامتة تحولت إلى علنية

كان واضحا من خلال السجال الذي شهده مكتب الرئيس ترامب أن الرئيس الأوكراني لديه رؤية مختلفة تماما عن الرؤية التي تقدمها الإدارة الجديدة في واشنطن.

فمن خلال تصريحاته، بدا أنه لا يثق تماما في الجانب الروسي، وشدد على أهمية التوصل إلى ضمانات أمنية قبل الحديث عن وقف إطلاق النار؛ لأن التاريخ الطويل من العداوات بين موسكو وكييف، كما يقول زيلينسكي، يجعل من الصعب الثقة بأي اتفاق يمكن التوصل إليه مع الكرملين في هذا السياق.

على الجانب الآخر، قدم الرئيس ترامب رؤيته للحرب القائمة، مؤكدا أن استمرارها يشكل خطرا على الأمن العالمي، وأنها قد تتحول إلى حرب عالمية ثالثة. ومن هنا، وانطلاقا من حرصه الشخصي على أن يكون "رئيس السلام"، كما وعد الأمريكيين الذين انتخبوه بأغلبية واسعة، فإنه ملتزم بالعمل على إنهاء الحرب، تجنبا لسقوط المزيد من الضحايا وحدوث مزيد من المآسي بين الجنود الروس والأوكرانيين، وكذلك للحيلولة دون صرف مليارات الدولارات من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

كان موقف الإدارة الأمريكية واضحا منذ انتخاب ترامب، وحتى خلال الفترة الانتقالية، بأنها لن تستمر في تقديم الدعم نفسه الذي قدمته الإدارة السابقة للحكومة الأوكرانية، وأنها أكثر ميلا إلى حل دبلوماسي وتحقيق تفاهمات بين الجانبين لإنهاء النزاع وحفظ الأرواح.

كان من الواضح جدا أن الرئيس الأوكراني لم يكن راضيا عن الخطوط العريضة المطروحة على الطاولة، ومن داخل المكتب البيضاوي جدد هجومه العنيف على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محملا إياه المسؤولية الكاملة عن بدء الحرب ضد أوكرانيا، ومؤكدا اتهامه لبوتين بأنه لا يؤمن بوجود دولة جارة مستقلة تستحق الحياة، ولها أراضيها وشعبها وأسلوب حياتها المختلف عن أسلوب حياة الشعب الروسي.

ترامب وفانس وزيلينسكي

في المقابل، شدد الرئيس ترامب على أن زيلينسكي يجب أن يكون ممتنا للمساعدات الأمريكية الهائلة التي ساعدت أوكرانيا على الصمود في وجه القوة العسكرية الروسية، مشيرا إلى أنه لولا الدعم الأمريكي، الذي بلغ 350 مليار دولار، لما استطاعت أوكرانيا الصمود في وجه القوات الروسية لأكثر من أسبوعين.

عند هذه النقطة تحديدا، تحول النقاش بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي إلى سجال مفتوح حول افتقار أوكرانيا إلى أي أوراق يمكن أن تضغط بها على الجانب الروسي في المرحلة المقبلة، ولذلك سيكون خيارا ذكيا من جانب الحكومة الأوكرانية القبول بمقترح الذهاب إلى وقف إطلاق النار في المرحلة الحالية.

ورأى نائب الرئيس، جيه دي فانس، أن الطريقة التي حاجج بها الرئيس الأوكراني نظيره الأمريكي حول تفضيل خيار وقف إطلاق النار على الضمانات الأمنية تعكس قلة احترام من جانبه لمضيفه، الرئيس الأمريكي، خاصة داخل مكتبه البيضاوي وأمام عدسات وكاميرات مراسلي البيت الأبيض، مضيفا أن موقف زيلينسكي يظهر قلة احترام لبلد قدم الكثير من المساعدات لأوكرانيا، بل قدم لها أكثر مما قدمه بقية العالم مجتمعا.

وانتهى اللقاء بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي دون عقد المؤتمر الصحفي الذي كان مقررا سابقا بينهما، ولكن بنهاية هذه الزيارة الأولى من نوعها للرئيس الأوكراني منذ بداية الولاية الثانية لترامب، يُفتح الباب واسعا أمام مسار ستشهد فيه العلاقات بين الجانبين مزيدا من التباينات حول كيفية إدارة الاتفاق مع الجارة موسكو. كما ستُطرح أسئلة أخرى بقوة حول الرؤية الأوروبية لمصير أي اتفاق يمكن السعي إلى تحقيقه مع الجانب الروسي في المرحلة المقبلة.

ماذا بعد لقاء البيت الأبيض؟

لم تكن اللقاءات السابقة بين الرئيس الأوكراني ومسؤولي إدارة ترامب متفقة تماما في تفاصيلها، لكنها أبقت دائما الباب مفتوحا أمام فرصة لتحقيق تقارب محتمل في وجهات النظر خلال لقاء القمة بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي.

التطورات التي شهدها هذا اللقاء تعزز مرة أخرى التساؤلات حول مدى قدرة الطرفين على تضييق الخلافات في الرؤية لخطة إنهاء الحرب مستقبلا، وكذلك حول مدى قدرتهما على التوصل إلى تفاهمات ثلاثية مشتركة بين الحليفين التاريخيين على ضفتي الأطلسي، وأوكرانيا التي تعد الطرف الأساسي في هذه الحرب، والمحور الرئيس في أي اتفاق يتم التوصل إليه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC