بعد نحو أقل من أسبوع على إطلاق حملته الانتخابية من مسقط رأسه كانكان (غينيا العليا)، أصدر الرئيس الانتقالي في غينيا كوناكري، الجنرال مامادي دومبويا، مرسوما عيّن بموجبه الوزير السابق والخبير في حل النزاعات، سيكو كوريسي كوندي، رئيسًا للمرصد الوطني للإشراف على الانتخابات (أوناسور).
وسيتولى المرصد الجديد مسؤولية ضمان سير الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 28 ديسمبر الحالي، وستكون من مهامه مراقبة حياد المرشحين ومعاملتهم على قدم المساواة، وضمان نزاهة التصويت، وهي مهام تشكك المعارضة في نجاح المرصد فيها.. فماذا نعرف عن رئيسه "سيكو كوريسي كوندي؟
ينظر إلى رئيس مرصد الانتخابات في غينيا كوناكري بوصفه سياسيا مخضرما، وإداريا متمرسا، فقد شغل سيكو كوريسي كوندي منصب وزير الأمن في عهد لانسانا كونتي (1997-2000)، بعد أن انضم إلى حزبه التحالف من أجل التجديد الوطني (أرينا)، عام 1992.
وتنقل مجلة "جون أفريك" عن أحد المحللين قوله: "إن أرينا يعد من أقدم الأحزاب السياسية في البلاد، لكنه لا يمثل الكثير اليوم"، مضيفا أنه ولضمان "حياده" كرئيس لهيئة مراقبة الانتخابات أعلن سيكو استقالته من الحزب في نهاية نوفمبر، في خطوة اعتبرت مقدمة لتعيينه من قبل رئيس المجلس العسكري.
لا يُنظر إلى إسناد إدارة مرصد الانتخابات لسيكو كوريسي كوندي على أنه وليد الصدفة، فقد أدى الرجل دورًا قياديًا خلال المرحلة الانتقالية التي قادها سيكوبا كوناتي بعد سقوط النقيب موسى داديس كامارا، ثم شغل منصب الأمين العام للمجلس الوطني الانتقالي (CNT) من مارس إلى أكتوبر 2010، ثم عُيّن أول أمين مظالم للجمهورية في عام 2010، وهو المنصب الذي أُقيل منه سريعًا مع وصول ألفا كوندي إلى السلطة.
وبعد انقلاب مامادي دومبويا عام 2021، استُبعد فعليًا من المجلس الوطني الانتقالي الجديد، فبحسب بنود الميثاق الانتقالي، لم يكن أعضاء المجالس التشريعية السابقة مؤهلين.
في أعقاب الانتخابات الرئاسية عام 1998، اعتُقل زعيم المعارضة حينها ألفا كوندي ووُجهت إليه تهمة "تقويض أمن الدولة". اتهم سيكو كوريسي كوندي، وزير الأمن آنذاك، باعتقاله دون دليل. أُدين الرئيس المستقبلي في نهاية المطاف عام 2000، قبل أن يُعفى عنه بعد عام، ويرأس البلاد لاحقا حتى الإطاحة به في انقلاب 2021 الذي قاده المرشح الأوفر حظا لخلافة نفسه دومبايا.
بعد تورطه في قضية سوء إدارة تتعلق بإبراهيما كاسوري فوفانا، الذي أصبح لاحقًا رئيس وزراء ألفا كوندي، أُجبر سيكو كوريسي كوندي على المنفى في الولايات المتحدة، وهنا أعاد السياسي بناء نفسه وأصبح أستاذًا في جامعة كولومبيا، قبل أن يؤسس مجموعة الأزمات الأفريقية، وهي شركة استشارية وبحثية استراتيجية متخصصة في منع النزاعات وحلها في أفريقيا.
بحسب التقرير، أنشىء مرصد الانتخابات (أوناسور) في البداية "لمراقبة وتوثيق وتقييم مدى نزاهة العمليات الانتخابية" للاستفتاء الدستوري الذي أُجري في 21 سبتمبر الماضي، قبل أن يتم تمديد عمله ويوسع نطاق اختصاصه، وأبرزها الإشراف على الانتخابات الرئاسية في 28 ديسمبر.
وتؤكد "جون أفريك" أنه خلال الاستفتاء الأخير، أثار إنشاء هذه الهيئة جدلًا واسعًا، إذ وُقّع مرسوم إنشائها قبل أيام قليلة من التصويت، قبل أن يتضح لاحقا أن تقاريرها بخصوص الانتخابات ليست للنشر العام؛ فبعد استفتاء سبتمبر، قُدِّم التقرير الذي أعده مرصد "أوناسور" إلى المحكمة العليا والمجلس الوطني الانتقالي. ولذلك، يستحيل معرفة ما إذا كانت التوصيات التي قدمها أعضاؤها ستؤخذ في الاعتبار أثناء تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وصرّح سيكو كوريسي كوندي لمجلة "جون أفريك": "كقاعدة عامة، لا ننشر أعمالنا".
وقد أثارت المعارضة انتقادات حيال استقلالية أعضاء "أوناسور" الأحد عشر، وهو ما يرد عليه سيكو كوريسي كوندي بقوله: "تم ترشيح جميع أعضائنا من قبل هيئات مستقلة، مثل نقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني". مع ذلك، يُعيَّن رئيس المؤسسة بمرسوم رئاسي.
وقد أثار دعمه العلني للرئيس الانتقالي مامادي دومبويا، وتصويته لصالح "نعم" على الدستور الجديد في استفتاء سبتمبر، رفضا وتنديدا من المعارضة، التي اعتبرت أن هذا الموقف لا يتوافق مع دوره كرئيس لمرصد الانتخابات، وينفي عنه صفة الحياد.