حدد ساسة أمريكيون وخبراء استراتيجيون أبعاد المقاربة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، لتحريك المياه الراكدة في الحرب الروسية الأوكرانية، والسير نحو إسدال ستار النهاية لهذه المواجهة.
ومن أبرز المقاربات، بحسب الساسة والخبراء، استغلال ترامب وبوتين أفول دور وأهمية الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي بات عبئا على حلف الناتو، والعمل على توقيف المعارك ولو بشكل مؤقت، لتوفير المسارات القانونية والميدانية لإجراء انتخابات رئاسية، والمجيء برئيس جديد بعيدا عن زيلينسكي، تجري من خلاله التفاهمات والتسوية.
ويقول السياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، الدكتور نعمان أبو عيسى، إن الكواليس تعج بأنباء عن اتصالات هاتفية متبادلة بين ترامب وبوتين، ولكن لا يوجد أي محتوى ومضامين حول هذه المكالمات التي تحاول إخراج الرئيس الأوكراني من هذه المعادلة، وذلك في وقت أكد فيه حلف الناتو ضرورة انتخاب رئيس جديد لأوكرانيا، قبل نهاية العام الحالي، وهو ما يعد مؤشرا مهما حول دور ومستقبل زيلينسكي بشكل عام.
وأضاف أبو عيسى في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك صعوبات حول إجراء انتخابات رئاسية في أيام الحرب في أوكرانيا، وأن هناك ضرورة تحتم توقف المعارك، وذلك في وقت يتمسك فيه بوتين بالأراضي التي احتلها ولا يريد التنازل عن أي منها.
وأكد أن هذا يعتبر عقبة أمام استمرار زيلينسكي الذي رفض الاعتراف بأن روسيا ستملك هذه الأراضي، بعد أن خرج من ترامب القول إن كامل أراضي أوكرانيا من الممكن أن تصبح روسية اذا استمرت الحرب، لذلك فإنه يريد تجميد المعارك في أقرب وقت ممكن، لإجراء الانتخابات والحضور ببديل لـ زيلينسكي.
واستكمل أبو عيسى أن نهاية هذه الحرب صعبة في وقت يريد فيه ترامب تجميدها لفترة معينة حتى يكون الانتقال إلى إجراء الانتخابات، ومن ثم المجيء برئيس جديد؛ ما ينتج عنه تفكك هذه المعضلة، بتفاهمات مع الأطراف المختلفة، سواء أمريكا وروسيا والدول الأوروبية.
وذكر أبو عيسى أن هذه الحرب مستمرة، وما زال زيلينسكي الذي يريد أن يكون عضوا في الناتو حاضرا؛ الأمر الذي يخالف خطوط ومطالب موسكو، بألا تكون كييف عضوا في الحلف، الأمر الذي يعقد المشهد، في وقت باتت فيه الأطراف كافة تتعامل مع حلحلة الأزمة بإجراء انتخابات رئاسية.
ويرى مدير مركز جي. إس. إم للدراسات الاستراتيجية، الدكتور آصف ملحم، أن هناك مقاربة حقيقية ودقيقة بين ترامب وبوتين هي تجاهل الرئيس الأوكراني، عند بحث تسوية الأزمة.
ويؤكد ملحم في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن أوراق زيلينسكي السياسية والاستراتيجية سواء في الداخل أو لدى الغرب، باتت في مهب الريح، لذلك تجاهله ترامب الذي يعلم أن هذه القيادة ضعيفة يتم التلاعب بها وأن المساعدات التي ذهبت إلى أوكرانيا، كانت تقع في يد شبكات فساد ومصالح؛ ما جعل الرئيس الأمريكي يتمسك بضرورة الوقوف على أشكال إنفاق الأموال التي قدمت من بلاده وأوروبا، طوال هذه الحرب.
وبحسب ملحم، فإن زيلينسكي فقد شرعيته وتنظر إليه الدول الأوروبية والغربية على أنه يستخدم أموالها وسلاحها ومصالحها، وفي النهاية لم يحقق أي شيء، وذلك بالتزامن مع فقدانه الدعم الغربي بعد أن استهلك بلاده في صراع ليس لأوكرانيا ناقة فيه أو جمل على الإطلاق، على حد تعبيره.
وذكر ملحم أنه بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بلغ الدخل اليومي لزيلينسكي 2.3 مليون دولار، بحسب معلومات وتقارير من دول ليست معادية لأوكرانيا، وهذا دليل على أن الغرب تعامل معه على أنه موظف لديه.
وأردف ملحم أن الدول الغربية تشعر بالحرج منذ 2022، من اعتمادها على شخص مثل زيلينسكي خاصة عندما بدأ يزور عواصمها ويخرج عن طوره، ويقدم نفسه على أنه البطل الذي انتصر على روسيا التي لم يقدر عليها أدولف هتلر أو نابليون بونابرت، ويتحدث بشكل غير لائق عن ضرورة توفير المساعدات، على الرغم من أنه رئيس دولة.
وبين ملحم أن الترتيب قائم بين روسيا وأمريكا على أن أوكرانيا سترضخ للأمر الواقع الذي جره إليه زيلينسكي، لاسيما أن ما تريده كييف من حيث توفير الضمانات الأمنية، لا تمانع موسكو في تحقيقه، وذلك بالتوافق مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة.