"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
قبل 4 سنوات وفي مثل هذا التاريخ تحديدا كانت الولايات المتحدة تعيش يوما عصيبا في تاريخها الحديث عندما كان أعضاء مجلس النواب والشيوخ يمارسون واحدة من المهام التقليدية للكونغرس وهي المصادقة العادية على نتائج الانتخابات الرئاسية التي كانت قد جرت قبل أسابيع من ذلك التاريخ وأقرتها اللجان المختصة على مستوى الولايات الخمسين في الجهات المختلفة من البلاد.
وعلى الجانب الآخر من مبنى الكونغرس كان الرئيس دونالد ترامب وقتها يخطب في تجمع لأنصاره داعيا إياهم إلى الدفاع بقوة عن نتائج الانتخابات التي قال عنها إنها مزورة ليتغير المشهد مباشرة بعد ذلك بمحاولة أنصاره اقتحام مبنى الكونغرس ومنع المشرعين من المصادقة على نتائج الانتخابات وتهديد حياة نائب الرئيس مايك بنس الذي رفض الامتثال لرغبة ترامب في رفض المصادقة على نتائج الانتخابات.
التاريخ يعود مجددا
من الناحية الشكلية هناك الكثير من المشتركات بين ذلك اليوم وهذا اليوم هنا بالعاصمة واشنطن والرئيس ترامب يعود مجددا إلى مبنى الكابيتول هذه المرة كرئيس منتخب وهو من سيصادق النواب والشيوخ في جلسة مشتركة على نتائج فوزه بالانتخابات الرئاسية بعد أن كان متهما وفي القاعة نفسها بعد أيام من السادس من يناير بالمسؤولية عن الهجوم على مبنى الكابيتول ومواجهة مشروع قرار ثان لعزله من منصب الرئاسة وقتها، لكن احتفاظ الجمهوريين في الغرفة الثانية منع حصول القرار على الأغلبية رغم حصوله على تأييد أعضاء جمهوريين وديمقراطيين في الغرفة السفلى حينها.
وسيكون المشهد مربكا جدا هذه المرة، لأن نائبة الرئيس كامالا هاريس هي من ستشرف على عمليات المصادقة باعتبارها رئيسة للغرفة الثانية وهي التي كانت في المرة السابقة نائبة الرئيس المنتخبة.
صورة متناقضة
كل هذا يحدث وعناصر الصورة متناقضة تماما حيث إن الجمهوريين هذه المرة وتحديدا الجناح المؤيد من هؤلاء للرئيس ترامب هم من يتصدرون المشهد بعد انتخاب وجوه جديدة من هؤلاء ولكن مع ملاحظة جوهرية وهو أنه من بين الأعضاء الـ 17 من النواب الجمهوريين الذين صوتوا لصالح عزل ترامب وقتها لم يبق من هؤلاء سوى 5 في المجلس بعد أن انتهى المشوار السياسي لبقية الأعضاء مع فشل بعضهم في تجديد عضويتهم أو اختيار آخرين الحياة بعيدا عن الكونغرس، إما عن طريق التقاعد أو الانخراط في وظائف بديلة بعيدة عن الشأن العام، ولكن في الحالات كلها فإن في هذا التحول إشارة أخرى إلى ذلك النفوذ المتنامي الذي بات ترامب يتمتع به داخل الحزب الجمهوري.
حسابات الربح والخسارة
فشل الديمقراطيون في تحقيق الهدف الاستراتيجي الذي وضعوه لأنفسهم قبل 4 سنوات، وهو منع ترامب من العودة إلى الساحة السياسية عبر مسار سياسي وقانوني طويل ومعقد، وكان المفتاح فيه هو تحميله المسؤولية القانونية في محاولة التأثير في نتائج الانتخابات وفي أحداث الهجوم على مبنى الكابيتول، وفي نقل الوثائق السرية إلى مقر إقامته العائلية.
وجميع هذه القضايا التي توبع فيها ترامب لم تصل إلى تحقيق غايتها القانونية لأسباب عديدة ولكن النتيجة أن لا واحدة منها انتهت إلى إكمال إجراءاتها القانونية، وانتهت جميع هذه القضايا إلى الإلغاء بسبب إعادة انتخاب ترامب وتمتعه بالحصانة الرئاسية التي تمنع متابعته قانونيا، بل وأكثر من ذلك استقالة مستشاري وزارة العدل الذين كلفوا بمتابعة الرئيس السابق في مجموع هذه القضايا.
وعلى المستوى السياسي سيواصل ترامب في هذا اليوم تحديدا استقبال ضيوفه في مقر إقامته العائلية بولاية فلوريدا من أجانب وأمريكيين في الوقت الذي يزور فيه الرئيس بايدن موقع الهجوم الإرهابي الذي حدث وسط مدينة نيو أورلينز، والذي خلف عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى.
وستكون هذه الزيارة ربما هي الأخيرة لبايدن بصفته رئيسا للبلاد قبل مغادرة البيت الأبيض والمشهد السياسي بصورة عامة.
وفشل الديمقراطيون في إنهاء الحياة السياسية لترامب وحركته السياسية "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، وهذا الفشل يتجلى واضحا من خلال أحدث استطلاعات الرأي التي تقول إن 5% فقط من الأمريكيين يعتقدون أن أحداث 6 يناير كانت هي الحدث الأبرز في ولاية تر امب السابقة بل إن الأمر أسوأ من ذلك بكثير بين الجمهوريين الذين يعتقد 2% فقط بينهم أن تلك الأحداث هي أهم ما يميز رئاسة ترامب الأولى.
الرمز الذي يتصارع حوله بايدن وترامب
في الأسبوع الأخير من رئاسته قرر الرئيس جو بايدن أن يكرم النائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني بمنحها أعلى وسام في البيت الأبيض نظير خدماتها العامة ونظير "دورها الشجاع في محاربة الدعاية الكاذبة التي أطلقها ترامب وأنصاره في انتخابات 2016".
تشيني التي اختارت طيلة سنوات ولاية ترامب الأربع أن تكون أقوى صوت معارض له داخل حزبه الجمهوري اختارت في المرة الأولى والثانية أن تصوت بالإيجاب لمشروعي قراري عزله من الرئاسة لكنها لاحقا قررت مع قلة من النواب الجمهوريين الآخرين الانضمام إلى اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في الهجوم على مبنى الكابيتول والقبول بمنصب نائبة رئيس اللجنة.
وعندما اختارت تشيني هذا الدور كانت تواجه لحظة حاسمة لمستقبلها السياسي لكنها وجدت نفسها وبعد خسارة انتخابات التجديد لعضويتها تواجه وضعا أكثر تعقيدا عند إعادة انتخاب ترامب لولاية جديدة.
ترامب لم يتردد في إدانة تكريم بايدن للنائبة تشيني وقال إنه يكرمها فقط لكراهيتها ترامب وأنصاره ولكنه لم يتردد في أكثر من مناسبة في الدعوة صراحة إلى سجنها مع جميع النواب الذين كانوا أعضاء في اللجنة الوطنية التي شكلها الكونغرس من نواب الحزبين للتحقيق في الهجمات على الكونغرس.
وعد ترامب وسلطة القانون
وتقول أحدث استطلاعات الرأي إن 59% من الناخبين الأمريكيين يعارضون توجه ترامب نحو إصدار عفو عن مهاجمي الكونغرس الذين تمت إدانتهم في تلك الهجمات وهم الآن بصدد قضاء عقوباتهم بالسجن، فيما يقول 33% إنهم يؤيدون خطوة ترامب في هذا الاتجاه.
المفاجأة في هذا الاستطلاع أن 67% من الجمهوريين يؤيدون خطوة ترامب فيما يرفضها 21 % من بين هؤلاء، وفي المقابل هناك إصرار من فريق الرئيس ترامب على أنه سيتم إصدار عفو رئاسي عمن حوكموا في تلك الأحداث بل يذهب ترامب إلى الحد الذي يصف فيه هؤلاء بالمحتجزين وهو توصيف ينفي من خلاله أية طبيعة قانونية عن ملاحقتهم ومحاكماتهم.
ويحرص الرئيس بايدن ونائبته هاريس على إظهار ذلك الالتزام الكبير بالهدف الأساسي لحملتهم الانتخابية الأولى وهي الدفاع عن الديمقراطية الأمريكية وتقاليد الممارسة السياسية الراسخة في العاصمة واشنطن، لذلك تقوم هاريس هذا الأسبوع بواجباتها كاملة من خلال المصادقة على الأعضاء الجدد في مجلس الشيوخ وكذلك التنسيق في عمليات نقل السلطة لفريق ترامب ونائبه السيناتور جيدي فانس، كما ستكون إلى جانب الرئيس بايدن يوم 20 يناير لحضور مراسم تنصيب الرئيس وفقا لتقاليد الديمقراطية في صورة مناقضة تماما لما فعله ترامب قبل 4 سنوات وخالفه في ذلك نائبه السابق مايك بنس.
والمؤكد أن ترامب وأنصاره القدماء والجدد في الكونغرس سيكون لديهم شيء من نشوة الانتصار على بايدن ومن ورائه النواب الديمقراطيين مقابل حسرة الخسارات المتراكمة بالنسبة للحزب الديمقراطي في انتظار الجولات القادمة ومنها انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بعد عامين.