الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تشهد العلاقات الدفاعية بين كوريا الجنوبية وإندونيسيا مرحلة حرجة بعد قرار الأخيرة تعزيز علاقاتها مع كوريا الشمالية ضمن استراتيجيتها غير المنحازة.
ووفقًا لصحيفة "آسيا تايمز"، أبدى محللون كوريون جنوبيون قلقهم من أن هذا التقارب قد يهدد أسرار برنامج مقاتلات KF-21 "بورامي" المشترك، وهو مشروع طائرات متقدم يجمع بين التكنولوجيا الكورية الجنوبية والإندونيسية، ويُعد أحد أبرز إنجازات الصناعات الجوية الكورية في العقد الأخير.
وفي 11 أكتوبر 2025، زار وزير الخارجية الإندونيسي سوجيونو بيونغ يانغ، حيث جدد مع نظيرته الكورية الشمالية مذكرة تفاهم لإنشاء آلية تشاور ثنائية تهدف إلى التعاون في القطاعات السياسية والاجتماعية والثقافية والتقنية والرياضية.
ويعتقد محللون أن أي اتفاق دفاعي محتمل بين جاكرتا وبيونغ يانغ قد يضع تكنولوجيا حساسة، مثل تلك المستخدمة في KF-21، في دائرة الخطر.
من جانبها، نفت إدارة برنامج المشتريات الدفاعية (DAPA) الكورية الجنوبية هذه المخاوف، مؤكدة وجود اتفاقية عدم إفصاح تحمي البرنامج.
وقال رئيس DAPA سيوك جونغ-غون: "سنُقيّد بشدة وصول عمليات نقل التكنولوجيا إلى المستخدمين النهائيين المُعتمدين، لضمان عدم تعريضها للخطر".
لكن المنتقدين يشيرون إلى سجل إندونيسيا السابق في المشروع، بما في ذلك تأخيرات مالية وفضائح تسريب معلومات. فقد تعهدت البلاد في البداية بتغطية 20% من تكلفة البرنامج البالغة 8.1 تريليون وون، إلا أن جائحة كوفيد-19 تسببت في تأخير المدفوعات، مما دفع كوريا الجنوبية في وقت لاحق إلى تقليص مساهمة إندونيسيا إلى 7.5%.
تفاقم التوتر العام الماضي عندما اتُّهم مهندسون إندونيسيون بسرقة بيانات سرية من مشروع KF-21، وهو ما اعتبره مراقبون دليلاً على نقاط ضعف إندونيسيا في إدارة المعلومات الحساسة، الأمر الذي يضاعف المخاطر في ظل التقارب مع كوريا الشمالية، التي لطالما سعت للوصول إلى تكنولوجيا الدفاع المتقدمة.
سياسة إندونيسيا
تتبع إندونيسيا سياسة دفاعية مرنة وغير منحازة، تسعى بموجبها إلى تنويع مشترياتها العسكرية.
فقد أعلنت البلاد مؤخراً عن خطط لشراء 42 مقاتلة صينية من طراز J-10C، بعد توقيع صفقة لشراء 48 طائرة تركية من الجيل الخامس KAAN، بالإضافة إلى صفقات سابقة مع فرنسا لشراء طائرات رافال، ومع روسيا لشراء طائرات سو-30 وسو-27، ومذكرة تفاهم مع بوينغ لشراء F-15EX.
يعكس هذا التنوع في المشتريات رغبة إندونيسيا في تجنب الاعتماد على مصدر واحد، لكنه يثير مخاوف خبراء الدفاع؛ فالاختلاف في أنظمة الإلكترونيات والطيران والتسليح يجعل من الصعب على المقاتلات تبادل البيانات أو العمل بسلاسة في العمليات المشتركة، كما يزيد التعقيدات اللوجستية، ويضاعف التكاليف التشغيلية والصيانة.
وبالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى هذا التجزؤ على أنه غياب عقيدة متماسكة، ما قد يرسل رسائل متناقضة لشركاء الدفاع، ويؤثر على العلاقات مع حلفاء رئيسيين مثل الولايات المتحدة، التي تشارك في برنامج KF-21.
يعكس سعي إندونيسيا لإبرام اتفاقيات مع مجموعة متنوعة من الشركاء استراتيجية طموحة تهدف إلى تعزيز مكانتها كقوة متوسطة مستقلة، لكن هذا النهج يضع البلاد أمام تحديات كبيرة. فقد يكون تقاربها مع كوريا الشمالية بمثابة ضغط إضافي على أمن برنامج KF-21 وتكنولوجيا المحركات الأمريكية F414 المستخدمة في الطائرة، حتى مع الضمانات القانونية لمنع التسريب.
وأكد يانغ أوك، خبير عسكري في معهد آسان للدراسات السياسية لـ"آسيا تايمز"، أن "إندونيسيا لطالما عانت من نقاط ضعف في إدارة المعلومات الحساسة، وقد تسببت هذه القضايا الهيكلية في اضطرابات عدة في مشروع KF-21".
وأضاف أن الهجمات السيبرانية الكورية الشمالية على شركات الدفاع الكورية الجنوبية خلال العامين الماضيين تزيد من المخاطر المحتملة.
في النهاية، تواجه إندونيسيا معادلة دقيقة: الحفاظ على استقلالية سياستها الدفاعية مع تنويع مصادر المقاتلات، وفي الوقت نفسه حماية المشاريع المشتركة الحساسة مع كوريا الجنوبية من أي تهديد محتمل.
ويظل السؤال الأساسي: هل يمكن لجاكرتا تحقيق التوازن بين الطموحات العسكرية والسياسية مع الحفاظ على سرية التكنولوجيا والتوافق العملياتي بين أساطيلها المتنوعة؟
يبقى هذا التحدي محوريًّا لمستقبل مشروع KF-21، حيث يُنظر إليه ليس فقط كمشروع دفاعي مشترك، بل كرمز لقدرة التعاون الدولي في تكنولوجيا الطيران، وسط ديناميكيات جيوسياسية متغيرة في جنوب شرق آسيا.