مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
العالم

انهيار أمني كبير.. هل تقترب "نصرة الإسلام" من السيطرة على بوركينا فاسو؟

زعماء المجالس العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسوالمصدر: vaticannews.va

تعيش بوركينا فاسو لحظة انهيار أمني غير مسبوقة، في الوقت الذي تروّج فيه موسكو لرواية مغايرة تمامًا عن "نهوض اقتصادي" واستعادة للسيادة. 

لكن الحقائق على الأرض تكشف صورة أكثر قتامة، فالدولة تفقد السيطرة على مساحات شاسعة، والجماعات الإرهابية تمضي بخطوات ثابتة نحو تطويق العاصمة واغادوغو ودفعها إلى حافة العزلة.

60% من الأراضي خارج السيطرة

تشير تقديرات أمنية إلى أن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM)، المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، إضافة إلى تنظيم "داعش" في ولاية الساحل (ISSP)، باتتا تفرضان سيطرتهما على ما يصل إلى 60% من الأراضي. 

وقد تسارعت هذه المكاسب بعد انقلاب 2022 الذي أوصل النقيب إبراهيم تراوري إلى الحكم، وانسحاب القوات الفرنسية من عملية "برخان"، ودخول مرتزقة مجموعة "فاغنر" الروسية (ومؤخرًا فيلق أفريقيا).

أخبار ذات علاقة

القائد العسكري لبوركينا فاسو إبراهيم تراوري

التوترات بين ساحل العاج وبوركينا فاسو.. حدود رخوة تشعل نزاعا صامتا

لكن التمدد الإرهابي لم يترافق فقط مع ضعف الدولة، بل أيضًا مع التجاوزات الواسعة لميليشيات "متطوعي الدفاع عن الوطن" والقوات الروسية، ما أوجد فراغًا جعل المدنيين محاصرين بين عنف الجماعات المسلحة وعنف الفاعلين الرسميين.

وفي مالي المجاورة، نجحت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في قطع إمدادات الوقود عن عدة مناطق؛ ما أثار تساؤلات عما إذا كانت الجماعة قادرة على تطبيق الإستراتيجية نفسها داخل بوركينا فاسو، وبالتالي عزل العاصمة تمامًا.

هل تستطيع الجماعات المتطرفة السيطرة على العاصمة؟

رغم المكاسب المتزايدة، يؤكد الباحثان جيبي سو وحسن كوني في تحليل لمعهد الدراسات الاستراتيجية أن الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها "نصرة الإسلام والمسلمين"، ما تزال تفتقر إلى القدرة اللوجستية والعسكرية للسيطرة على مدينة كبيرة أو الاحتفاظ بها.

فحتى سيطرتها على مدينة جيبو في مايو/أيار جاءت بعد حصار دام خمس سنوات، وفي منطقة تُعد معقلًا تقليديًا للجماعة منذ 2015.

يقول الباحثان: "إن القوة الحقيقية لهذه التنظيمات تكمن في خفة الحركة، والمرونة، والمعرفة العميقة بالتضاريس – وليس بالضرورة في القدرة على احتلال مراكز حضرية كبيرة أو إدارتها".

أخبار ذات علاقة

من مراسم وصول زوما إلى واغادوغو

زوما في بوركينا فاسو.. نجم جديد في استراتيجية تراوري السيادية

الرأي العام في العواصم الساحلية، بما فيها واغادوغو، ما يزال عمومًا معاديًا للتنظيمات الإرهابية التي ارتبطت أعمالها بالقتل الجماعي والنزوح والفوضى.

احتمالات "سيناريو مقديشو"

مع ذلك، يحذر محللون من أن الجماعات المسلحة قد لا تحتاج إلى دخول واغادوغو فعليًا لفرض واقع جديد. 

فاستراتيجية الإرهاق، وقطع الطرق، وتطويق العاصمة، قد تدفع البلاد نحو نموذج مشابه لمقديشو في العقد الأول من القرن الحالي، حيث بقيت الحكومة محاصرة داخل جزء محدود من العاصمة.

المحلل ويل براون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية يقول: "الوضع يتجه نحو حصار تدريجي للعاصمة. القوات الحكومية في موقف دفاعي، ومعنويات الجيش متدنية، بينما تمتلك الجماعات المتطرفة أسلحة نهبتها من مخازن الدولة".

وفي الوقت ذاته، يعتمد المجلس العسكري الحاكم على "فيلق أفريقيا"، الوريث الأمني لفاغنر، لتوفير الحماية الشخصية لتراوري، وإنتاج محتوى دعائي يصوّر النظام كحامي للسيادة الوطنية.

أخبار ذات علاقة

زعيم بوركينا فاسو إبراهيم تراوري

بوركينا فاسو تحت المجهر.. سجون سرية وتضييق على الإعلام يثيران قلقا دوليا

غير أن هذه المعادلة لم تمنع تدهور الأمن؛ بل يرى مراقبون أنها جزء من المشكلة.

تُظهر المعطيات أن البلاد تتحرك نحو سيناريو خطير، ليس سيطرة مباشرة للجماعات الإرهابية على العاصمة، بل عزلها وخنقها تدريجيًا، مقابل حكومة تفقد السيطرة على محيطها السياسي والعسكري، وجيش يعاني من الانهاك وتراجع الروح المعنوية.

ومع استمرار انحسار الدولة، واستفحال الاعتماد على الفاعلين الخارجيين، تبدو بوركينا فاسو مقبلة على مرحلة طويلة من عدم اليقين، قد تتحول فيها واغادوغو إلى "جزيرة" محاصرة في بحر من الفوضى.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC