رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
تحولت مسألة مكان اللقاء بين الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني إلى عقدة سياسية جديدة في مسار الحرب الممتدة منذ أكثر من 3 سنوات، خاصة مع إصرار بوتين على أن تكون موسكو "المكان الأمثل" لعقد المحادثات، ويرفض فولوديمير زيلينسكي هذا الشرط بشكل قاطع، مطالباً بمكان محايد ترعاه أطراف دولية.
وخلال المنتدى الاقتصادي الشرقي، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو هي المكان الأنسب للقاء زيلينسكي، مضيفاً أن روسيا ستضمن له الأمان الكامل، وهذا الموقف جاء متزامناً مع لقاء جمع بوتين بالرئيس الصيني شي جين بينغ والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال عرض عسكري ضخم.
وجاء الرد الأوكراني سريعًا، حيث رفض زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرة عقد اللقاء في موسكو، مؤكداً أن اللقاء ضروري لكنه يجب أن يُعقد في مكان محايد.
وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها أن 7 دول عرضت استضافة اللقاء، متهماً بوتين بمحاولة كسب الوقت والعبث بالمجتمع الدولي.
ولم يختلف الرد الأمريكي عن الأوكراني، حيث بدأ الرئيس دونالد ترامب يتراجع عن اندفاعه السابق للوساطة، خاصة مع تصريحه بأن بوتين ليس مستعداً للسلام.
ووفقا للمراقبين، يعتبر إصرار بوتين على اختيار موسكو مكانًا لعقد اللقاء مع زيلينسكي ليس مجرد خيار جغرافي، بل هو رسالة سياسية تحمل أبعاداً متعددة، خاصة أنه يسعى لإظهار روسيا كقوة مهيمنة تجبر خصومها على القدوم إلى عاصمتها.
ويرى المراقبون، أن فرض موسكو كمكان وحيد للقاء يضع زيلينسكي تحت ضغط نفسي وإعلامي كبير، وقد يُفسر حضوره على أنه تنازل أو استسلام أمام الرأي العام، بالإضافة إلى رغبة بوتين في اختبار استعداد كييف للتنازل في ملفات أكثر حساسية عبر البدء بفرض شروط تبدو شكلية لكنها تمس جوهر المعادلة التفاوضية.
تعجيز سياسي
الدكتور نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية قال، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول فرض حالة من التعجيز السياسي على أوكرانيا، من خلال حصر أي تسوية مرتقبة في لقاء مباشر يجمعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأضاف رشوان لـ"إرم نيوز" أن أوكرانيا في ظل أوضاعها الراهنة لا تستطيع التفاوض على أرضها، مشيرًا إلى أن مسألة ابتلاع المزيد من الأراضي الأوكرانية ليست بالعملية السهلة، رغم سيطرة روسيا على أكثر من 20% من المساحة الكلية للبلاد.
وتطرق رشوان إلى العقوبات الأمريكية المنتظرة، مشيرًا إلى أن ترامب منح مهلة جديدة لمدة أسبوعين، لكنه يواجه موقفًا صعبًا.
ولفت الخبير السياسي إلى أن الحلفاء الغربيين لزيلينسكي يدركون تمامًا أن هذه الخطوة ليست سوى مناورة روسية، وهم يتفهمون أسباب رفضه التوجه إلى موسكو، مؤكدًا أن ذلك سيكون بمثابة استسلام سياسي لا تقبل به العواصم الغربية.
وشدد على أن العقوبات الغربية المرتقبة وتزويد كييف بالأسلحة ستظل أوراق ضغط قوية في أي مفاوضات مقبلة لإنهاء الحرب.
من جانبه، أكد سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن جوهر الأزمة لا يتحدد في مكان اللقاء سواء كان في موسكو أو غيرها، بل في طبيعة الحل الجذري للصراع القائم بين روسيا وحلف الناتو، وهو الصراع الذي ينعكس بشكل مباشر على الأراضي الأوكرانية.
وقال أيوب لـ"إرم نيوز" إن إعلان بوتين استعداده للقاء أي قائد أوكراني، حتى وإن كان منتهي الشرعية، يكشف عن رغبة روسية في التوصل إلى تسوية، لكن بشرط أن يكون الطرف المقابل قادرًا على اتخاذ قرارات حقيقية داخل كييف.
وأضاف المحلل السياسي، أن أوكرانيا تتهرب من أي لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي، خشية أن يُفسر ذلك كنوع من الضغط النفسي والمعنوي على كييف، لا سيما أن زيلينسكي اعتاد في لقاءاته السابقة أن يكون محاطًا بالقادة الغربيين، وعلى رأسهم ترامب وزعماء أوروبا، الذين يضعون الخطوط العريضة لأي اتفاق محتمل.
وأضاف الخبير في الشؤون الروسية، أن الصراع بات أوسع من مجرد مواجهة بين روسيا وأوكرانيا، إذ أصبح مواجهة مفتوحة بين موسكو والعواصم الأوروبية، التي تعمل بدورها على عرقلة أي مبادرة للحل، وفق تقديره.
وأشار أيوب إلى أن روسيا تضع عدة شروط أساسية لأي اتفاق، أبرزها؛ "حياد أوكرانيا ومنع انضمامها إلى الناتو، تحجيم الأحزاب ذات النزعة النازية، والاعتراف بضم المقاطعات الأربع إضافة إلى شبه جزيرة القرم".
وأوضح أن التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات إضافية لا تشكل حلاً، بل قد تعطل المفاوضات وتضعف صورة ترامب كوسيط محايد، رغم محاولاته المستمرة لإظهار نفسه كصانع سلام.
وأكد سمير أيوب، أن الحل لا يكمن في مكان عقد المفاوضات، بل في مدى قبول الشروط الروسية الجوهرية، مشيرًا إلى أن بوتين قد يُبدي مرونة تجاه انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي كونه اتحادًا اقتصاديًا، لكنه لن يقبل بتوسع الناتو.

وفي ذات السياق، أكد إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيو إستراتيجي للدراسات، أن روسيا تسعى إلى فرض سيطرتها على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الأوكرانية قبل الدخول في أي مفاوضات، سواء كانت برعاية أمريكية أو أوروبية، وذلك لتضمن موقعا أقوى على طاولة التفاوض يتيح لها اقتطاع جزء من الأراضي لصالحها.
وأضاف كابان لـ"إرم نيوز" أن هذه السياسة الروسية تثير امتعاضًا واضحًا في الغرب، حيث بدأت مواقف أوروبا والولايات المتحدة تعكس تحولات جذرية في مسار الملف الأوكراني.
وأوضح أن إصرار بوتين على عقد لقائه مع زيلينسكي في موسكو يزيد المشهد تعقيدًا، لأنه يُبعد الولايات المتحدة عن دورها المباشر في الحوار، ويحصر الأمر بين موسكو وكييف فقط.
وأشار كابان إلى أن تصريحات بوتين الأخيرة تمثل رسالة سياسية موجهة للغرب، حيث تعكس رغبة روسيا في رفع مستوى المواجهة على الأرض تزامنًا مع اشتراط عقد اللقاء في موسكو.
واعتبر أن الولايات المتحدة لا تزال الداعم الأساسي لأوكرانيا، فيما يحاول ترامب تقديم نفسه كـ"رجل السلام" القادر على إنهاء الحرب.
ولفت الخبير إلى أن قمة ألاسكا الأخيرة شهدت تفاهمات بين بوتين وترامب لم يُكشف عن تفاصيلها كاملة، إلى جانب اتفاقات أوروبية يجري تنفيذها على مستويات مختلفة لدعم مسار السلام.
وشدد على أن موسكو تتحرك بسرعة على الأرض لتأمين مكاسب ميدانية أكبر قبل أي تسوية قادمة، بما يجعلها في موقع تفاوضي أقوى.