logo
العالم

الوساطة الأمريكية "على المحك".. زيلينسكي يلجأ لمجلس الأمن ويُحرج ترامب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكياالمصدر: رويترز

دخلت الأزمة الأوكرانية مرحلة جديدة من التعقيد بعد أن قرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تجاوز المظلة الأمريكية، والتوجه مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي بطلب عقد جلسة طارئة عقب الهجمات الروسية الأخيرة على كييف، وعدد من المدن الأخرى، والتي أودت بحياة 23 شخصًا بينهم 4 أطفال. 

ووفقاً للمراقبين، تعد خطوة زيلينسكي وكأنها تحدٍ صريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصةً أنه كان - ولا يزال - يراهن على جهود وساطة شخصية لإحداث اختراق في مسار الحرب الممتدة منذ أكثر من عامين ونصف.

وخلال الأسابيع الماضية، ظهر ترامب متحمسًا لفكرة لقاء مباشر يجمع بين زيلينسكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن الأمر عاد ليصطدم بواقع أكثر صعوبة، بعد أن أعلنت أوكرانيا أمام العالم أنها لا تثق بمسار الوساطة الأمريكية وحدها، بعد استدعاء الأمم المتحدة إلى ساحة الصراع. 

أخبار ذات علاقة

مقابلة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينيسكي

زيلينسكي: أوكرانيا لن تكرر "معجزة" كوريا الجنوبية دون دعم أمريكي

وفجَّر هذا الموقف خلافاً علنياً بين ترامب وزيلينسكي، بعد أن عززته سجالات إعلامية بين الطرفين، وأثار تساؤلات حول قدرة واشنطن فعلًا على ضبط إيقاع الأزمة.

مع هذه المفارقة الخطيرة، ما بين رغبة واشنطن بأن تبقى صاحبة اليد العليا في إدارة الأزمة، واستعراض زيلينسكي تحديه السياسي ليكسب أوراق ضغط إضافية باللجوء إلى مجلس الأمن، يبقى السؤال: هل يعني أن كل جهود الوساطة الأمريكية ذهبت أدراج الرياح، وأنه لا لحل يلوح في الأفق للحرب الأوكرانية؟


غياب الرؤية الواقعية

بداية، أكد كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، أن الأزمة الروسية الأوكرانية تدور، منذ بدايتها، في حلقة مفرغة، خاصة أنها كلما اقتربت من التهدئة تعود لتتصاعد من جديد بسبب غياب أي رؤية واقعية للحل.

وقال حميد لـ"إرم نيوز"، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحمل جانبًا كبيرًا من مسؤولية إطالة أمد الأزمة، بعدما سلم قرارات بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، واختزل الحل في لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، متجاهلًا أن الكرملين ماضٍ في خطة ثابتة منذ العام 2014. 

وأضاف أن اللقاء - وإن جرى - قد يفاقم الأزمة بدلًا من حلها، إذ يسعى زيلينسكي إلى نصب فخ دبلوماسي للرئيس الروسي.

وأشار إلى أن تجاوز زيلينسكي للمظلة الأمريكية، ولجوءه إلى مجلس الأمن، قد يضعفا أوراق كييف التفاوضية، خاصة مع امتلاك موسكو وحلفائها حق النقض داخل المجلس. 

وشدد المحلل السياسي، على أن ربطه وقف إطلاق النار بانضمام أوكرانيا إلى الناتو، ونشر قوات أوروبية على أراضيه، ينسف أي محاولات سلام.

وأشار حميد إلى أن خطاب زيلينسكي يتأرجح بين الحدة بعد كل اجتماع أوروبي والمرونة عقب لقاءاته مع مسؤولين أمريكين، ما يعكس تأثره بالمواقف الخارجية أكثر من مصالح بلاده. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

"غير مناسبة".. زيلينسكي يرفض دعوة بوتين للقاء في موسكو (فيديو)


خطة السلام التمهيدية 

وتابع: "في المقابل، يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تحقيق اختراق سياسي مع موسكو، لكن تحركات زيلينسكي تعرقل جهوده، وتنسف خطة السلام التمهيدية التي كان يطرحها".

ورأى كارزان حميد، أن واشنطن ما زالت مستفيدة من استمرار الحرب عبر مؤسساتها المختلفة، فيما يحاول ترامب توحيد القرار تحت شعار "أمريكا أولًا" خاصة أن زيلينسكي، بدعم أوروبي، لايزال يقدم نفسه كزعيم يتحدى موسكو وواشنطن معاً متناسيًا هشاشة موقفه.

وأضاف أن أخطر ما يواجهه زيلينسكي هو رهانه على تدويل الملف من أجل شرعنة استخدام الأصول الروسية المجمدة لصالح كييف، وهو مسار قد يفتح الباب أمام أزمة مالية عالمية. 

وأكد الخبير في الشؤون الأوروبية، أن الحل الواقعي يكمن في تهميش كييف مؤقتًا من طاولة المفاوضات، وفتح حوار مباشر مع القوى الأوروبية الكبرى -  بريطانيا وألمانيا وفرنسا - باعتبارها الطرف الأكثر تأثيرًا في مسار الأزمة منذ بدايته.

من جانبه، قال رامي القليوبي، الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، إن طلب أوكرانيا عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن عقب الهجوم على  كييف يُعد إجراءً طبيعياً في مثل هذه الاضطرابات، وهو أمر متعارف عليه في العلاقات الدولية.

وأضاف القليوبي لـ"إرم نيوز" أن ما يخص جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار ، وهذه المرة روسيا التي لم تتجاوب معه، ترى، الآن، أنها تتقدم على الأرض، وبالتالي تواجه معضلة تتعلق بكيفية الحفاظ على هذا الزخم الميداني، وفي الوقت نفسه مساعدة ترامب في حفظ ماء الوجه. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

زيلينسكي يرجح نشر آلاف الجنود الغربيين في إطار "الضمانات الأمنية"

وأوضح أن الممثلين الروس، خاصة بين بوتين وترامب، يتجنّبون الحديث السلبي عنه، وهو ما يعكس تعقيدات الوضع الراهن.

وبخصوص ما إذا كان زيلينسكي قد أغضب ترامب أم لا، أوضح القليوبي أن هذه ليست أولوية بالنسبة لزيلينسكي حالياً، بقدر ما ينصب اهتمامه على أوروبا، باعتبارها الممول الرئيس للحرب عبر السلاح، والدعم اللوجستي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC