logo
العالم

من مدينة تشونغتشينغ.. الصين تبني "قناة السويس الجديدة" في قلب آسيا

من مدينة تشونغتشينغ.. الصين تبني "قناة السويس الجديدة" في قلب آسيا
عمال صينيونالمصدر: (أ ب)
03 سبتمبر 2025، 7:04 م

في خطوة تعكس طموحاتها لتعزيز نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي، تعمل الصين بهدوء على بناء شبكة برية جديدة للتجارة، يُنظر إليها على أنها "قناة السويس البرية"، بهدف ربط آسيا بأوروبا وتجاوز طرق الشحن التقليدية التي تمر عبر الممرات البحرية الخاضعة للنفوذ الغربي.

وبرزت مدينة تشونغتشينغ الجبلية في جنوب غرب الصين كمركز استراتيجي رئيسي في هذا المشروع.

فبحسب صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، تحوّلت المدينة بسرعة إلى نقطة ارتكاز في شبكة التجارة الصينية، حتى أن نجاح تجربتها قد يدفع بكين إلى الاستثمار في مشاريع مماثلة بمناطق أخرى في غرب البلاد، بحسب موقع "يورونيوز".

وتُسيّر اليوم تشونغتشينغ مئات القطارات يوميًا، تربط من خلالها دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام وسنغافورة بالأسواق الأوروبية في ألمانيا وبولندا، مرورًا بشبكة من السكك الحديدية فائقة السرعة.

ومن المتوقع أن تصبح هذه المدينة أهم مركز لوجستي في آسيا، بالنظر إلى موقعها الحيوي وقدراتها الإنتاجية.

أخبار ذات علاقة

إطلاق الطيور في نهاية العرض العسكري

نووي على الأرض وحمام في السماء.. الصين تختتم احتفالات "يوم النصر" (فيديو)

وإلى جانب دورها اللوجستي، تُعد تشونغتشينغ قوة صناعية ضخمة؛ فهي مسؤولة عن تصنيع نحو ثلث أجهزة الكمبيوتر المحمولة في العالم، وتُعد قاعدة رئيسية لإنتاج السيارات الكهربائية، فضلاً عن كونها مركزًا لتصدير ربع إنتاج الصين من السيارات.

تكمن الميزة الأكبر لهذا الممر الجديد في تقليص زمن الشحن مقارنة بالطرق البحرية التقليدية؛ فمدة التسليم عبر القطارات البرية تقل بنحو 10 إلى 20 يومًا، إضافة إلى تبسيط الإجراءات الجمركية بشكل ملحوظ.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، قطار الآسيان السريع الذي دُشّن العام 2023، حيث اختصر مدة الشحن بين هانوي وتشونغتشينغ إلى خمسة أيام فقط، لتصل البضائع بعد ذلك إلى أوروبا خلال أقل من أسبوعين.

أبعاد جيوسياسية واضحة

لا تقتصر أهمية المشروع على مزايا النقل واللوجستيات، بل تحمل أيضًا أبعادًا جيوسياسية بارزة؛ فقد كشفت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب هشاشة اعتماد الصين على الممرات البحرية الدولية مثل قناة السويس ومضيقي هرمز وملقا، حيث تسيطر الولايات المتحدة وحلفاؤها على الجزء الأكبر من هذه المسارات.

أخبار ذات علاقة

الرئيسان الصيني والروسي في بكين

خبير: روسيا والصين تقودان تحولا عميقا نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب

كما عمّقت جائحة كورونا من هذه المخاطر عبر تعطيل سلاسل الإمداد البحرية، بينما جاءت الحرب في أوكرانيا لتزيد الوضع تعقيدًا، خصوصًا بعدما تعرضت بعض الشحنات الصينية للمصادرة في 2023.

وعلى الرغم من أن التجارة الثنائية مع روسيا بلغت 240 مليار يورو في 2024، فإن الاعتماد على المرور عبر الأراضي الروسية بات محفوفًا بالمخاطر.

ومن هنا، تدفع بكين نحو تطوير ما يسمى بـ "الممر الأوسط"، الذي يمر عبر كازاخستان وبحر قزوين لتجنب روسيا وتجاوز المضائق البحرية الحساسة؛ ما يمنحها هامشًا أكبر من المرونة الاستراتيجية في مواجهة الضغوط الغربية.

تحديات باقية

يواجه المشروع، رغم الطموحات الكبيرة، عقبات مهمة، أبرزها تأخير الإجراءات الجمركية، وارتفاع تكاليف النقل، وضعف البنية التحتية، والتحديات المالية.

كما أن العديد من مشاريع النقل ضمن مبادرة الحزام والطريق اعتمدت بشكل واسع على دعم حكومي مباشر لتسهيل مهمة المصدرين، وهو ما يثير تساؤلات حول استدامة هذه المبادرات على المدى الطويل.

وفي ظل هذه التحديات، يبقى المشروع خطوة جريئة من جانب بكين لإعادة صياغة موقعها في التجارة العالمية، عبر بناء بدائل برية تُقلّص من اعتمادها على الطرق البحرية.

وإذا نجحت في تجاوز التحديات اللوجستية والمالية، فقد تتحول تشونغتشينغ إلى "سويس برية" جديدة، قادرة على إعادة رسم خريطة سلاسل الإمداد العالمية لصالح الصين.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC