أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته إعادة تفسير معاهدة أمريكية عمرها 38 عامًا، تهدف أساسًا إلى التحكم في انتشار الصواريخ العابرة والقادرة على حمل أسلحة دمار شامل، في خطوة مثيرة للجدل.
وكشفت "نيوزويك"، أن هذه الخطوة، التي تُعيد تصنيف الطائرات المسيّرة، مثل "MQ-9 Reaper"، باعتبارها طائرات عادية بدلًا من أنظمة صاروخية، تمثل تحولًا كبيرًا في إستراتيجية الولايات المتحدة العسكرية والدبلوماسية؛ إذ تفتح الباب أمام تسويق هذه الدرونز لحلفاء واشنطن، وسط منافسةٍ حادة من الصين، وتركيا، وإسرائيل.
وبحسب المجلة الأمريكية، فإن المعاهدة، التي صيغت، العام 1987، ضمن إطار "نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ" (MTCR)، كانت تهدف إلى الحد من انتشار القدرات الصاروخية القادرة على نقل أسلحة نووية أو كيميائية، لكن الإدارة الأمريكية ترى أن التفسير القديم يعيق تصدير طائرات متطورة يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في الدفاع الإقليمي وحماية الحلفاء، خاصة مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وآسيا.
ويرى مراقبون أن هذا القرار يعكس تلاقي المصالح الاقتصادية والعسكرية؛ فالولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز دور شركاتها المصنعة، مثل: General Atomics وKratos وAnduril، بينما يسعى حلفاؤها إلى الحصول على قدرات عسكرية متقدمة بسرعة تفوق العقبات التنظيمية التقليدية، لكن يكمن التحدي، الآن، في موازنة السرعة مع الضوابط الأمنية؛ إذ يُحذِّر خبراء حقوق الإنسان والمراقبة الدولية من أن تسهيل تصدير المسيرات قد يزيد من العنف في مناطق حساسة، مثل: الشرق الأوسط وجنوب آسيا، مع التأكيد على أن أي استخدام غير مسؤول قد يترك أثرًا إنسانيًا بالغًا على المدنيين.
وتُفيد مصادر مطّلعة بأن هذا التحرك يعكس إدراك واشنطن للتنافس العالمي على تكنولوجيا الدرونز؛ إذ تتزايد أهمية الطائرات المسيّرة في الحروب الحديثة، سواء في الاستطلاع أو الهجوم، ولذلك فإن تغيير التصنيف القانوني للدرونز يتيح للإدارة الأمريكية تطوير برامجها بسرعة أكبر، بما في ذلك ابتكار طائرات مسيرة يمكن أن تعمل بجانب المقاتلات المأهولة كـ "رفاق في القتال"، وهو ما يعد مستقبل الحروب الجوية.
وبينما يمكن أن توفر هذه المسيرات الحماية لشعوب مهددة، فإن خبراء يحذّرون من أنها قد تكون أيضًا سببًا في تصعيد العنف إذا استُخدمت بلا رقابة صارمة، وبهذا المعنى، تتحول هذه الخطوة من مجرد قرار عسكري إلى اختبار أخلاقي ودبلوماسي في آن واحد، يحدد إلى أي مدى يمكن للمصالح الإستراتيجية أن تتوازن مع المسؤولية الإنسانية.
ورغم أن التاريخ الطويل للمعاهدة كان يهدف للحد من انتشار القدرات العسكرية الخطرة، فإن إعادة تفسيرها من قبل الإدارة الأمريكية الحالية قد تشكل منعطفًا في السياسة الدفاعية والعلاقات الدولية، لكن ما يظل واضحًا هو أن المسيرات، بصفتها تكنولوجيا معقدة، ليست مجرد أدوات عسكرية، بل أدوات دبلوماسية تؤثر على الاستقرار الإقليمي، وحياة الناس في مناطق النزاع.