logo
العالم

التقارب الأمريكي–الصيني.. هل تصمد تايوان في قلب العاصفة الجيوسياسية؟

دونالد ترامب والرئيس الصينيالمصدر: إرم نيوز

مع اقتراب اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، تتجه الأنظار إلى تايوان كمحور محتمل لتصعيد عسكري كارثي أو لانفراج دبلوماسي حاسم. 

ففي السنوات الأخيرة، تصاعدت التوترات بشكل كبير، مع تحرك الصين لتسليح المضيق وإجراء تدريبات تحاكي حصار الجزيرة وتوغلات يومية عبر الخط الأوسط، بينما عززت تايبيه سيادتها بطرق جديدة ومزعزعة للاستقرار. 

من جانبها، أصبحت الولايات المتحدة أكثر انحيازًا لدعم الجزيرة، مما أضعف التفاهمات السابقة مع بكين حول القضايا عبر المضيق.

وبحسب مجلة "فورين أفيرز"، فإنه لمواجهة هذه الديناميكية، سعت واشنطن لتعزيز الردع العسكري عبر تحسين دفاعات تايوان وتعزيز وجودها الإقليمي، إلا أن هذه الإجراءات وحدها لا تكفي لإعادة الاستقرار. 

أخبار ذات علاقة

تجربة صاروخية سابقة لكوريا الشمالية

قبيل جولة ترامب الآسيوية.. كوريا الشمالية تختبر صواريخ بحرية طويلة المدى

وأضافت أن القيادة الصينية قد تعتبر أي تعزيز عسكري أمريكي دليلاً على نوايا عدائية، بينما الطريقة الأكثر فاعلية لخفض التصعيد هي أن يظهر كل من الطرفين احترامًا للمواقف الجوهرية للآخر.

توترات متصاعدة

وشهد عهد شي جين بينغ تصعيدًا شاملًا ضد تايوان على الأصعدة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والإعلامية، ما أثار مخاوف من احتمال غزو جزيرة أو حصارها بحلول عام 2027.

ومع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الصين ستقدم على هجوم محفوف بالمخاطر في أي وقت، إلا أنها قد تلجأ للقوة إذا اعتبرت أن تايوان تمضي في طريق الاستقلال الدائم عن البر الرئيسي.

في المقابل، تراجعت واشنطن وتايبيه عن بعض الضمانات التقليدية التي هدفت لمنع التصعيد. فقد قلصت الولايات المتحدة التزاماتها الواردة في البيانات المشتركة الأمريكية الصينية (1972 و1979 و1982)، وعززت الاتصالات الرسمية مع تايوان على مستوى عالٍ، ما دفع بكين للقلق من عودة واشنطن لتقويض التفاهمات عبر المضيق. 

كما ساهمت تصريحات الرئيس السابق جو بايدن حول حق شعب تايوان في تقرير مصيره واستخدام القوة للدفاع عنها في تعزيز المخاوف الصينية.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

"لا شيء يجري بسهولة".. آسيا تختبر مهارات ترامب في عقد الصفقات

أما تايبيه، بقيادة الرئيس لاي تشينغ تي، فقد عززت موقفها المستقل عن البر الرئيسي، مشددة على سيادتها ومصورة الصين كتهديد صارخ يهدف إلى تحقيق هيمنة دولية. 

ومع تحركات لاي الخطابية، كثفت بكين تدريباتها العسكرية لمحاكاة حصار الجزيرة، بينما أظهرت الإدارة الأمريكية مرونة محدودة في تهدئة التصعيد. 

كل هذه العوامل أسهمت في رفع التوتر إلى مستويات غير مسبوقة، مهددة بتحول الأزمة إلى صراع مباشر.

الاستقرار المتبادل

لخفض خطر الحرب، يحتاج ترامب وشي إلى تبادل ضمانات واضحة ومعلنة تعكس احترام كل طرف للحدود الحمراء للطرف الآخر. 

ومن المقترحات المهمة أن تصدر الولايات المتحدة بيانًا يوضح أنها لن تدعم استقلال تايوان ولن تسمح بأي تغيير أحادي للوضع الراهن، بينما تتعهد الصين بعدم استخدام القوة وتقليل التدريبات العسكرية والتوغلات عبر الخط الأوسط للمضيق.

من شأن هذه الضمانات أن تمنع تايبيه من اتخاذ خطوات أحادية نحو الانفصال الدائم عن الصين، وتحد من دوافع بكين لتصعيد التوتر. 

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب وفلاديمير بوتين

مسار تفاوضي ملغوم.. حسابات ترامب وبوتين تعقّد سيناريوهات إنهاء حرب أوكرانيا

كما يمكن أن تتضمن الاتفاقية التزامًا بإعادة الخط الأوسط كمنطقة عازلة ضمنية، وإجراء تدريبات أقل حول الجزيرة، بينما تستمر واشنطن في تعزيز وضعها الدفاعي ومساعدة تايوان على صون قدراتها العسكرية.

إضافة إلى ذلك، يمكن للاتفاق أن يعزز الحوار عبر المضيق وفقًا لدستور جمهورية الصين وقانون تايوان لعام 1992، ما يتيح لطرفي الأزمة التمسك بآلية سلمية لإدارة الخلافات دون تصعيد مفتوح، وفي الوقت نفسه يحمي مصالح بكين وتايبيه على حد سواء.

مكاسب استراتيجية

رغم أن هذا المسار قد يحمل بعض المخاطر، مثل استغلال بكين للضمانات الأمريكية لمواصلة الضغط على تايوان، فإن العوائد المحتملة كبيرة؛ فالضمانات الدبلوماسية تتيح للأطراف المتحكمة بالتصعيد الحد من المخاطر المتبادلة وتحافظ على فرصة لتثبيت الاستقرار في المضيق على المدى الطويل.

في الوقت نفسه، يجب على واشنطن إشراك تايبيه وحلفائها الإقليميين، مثل اليابان، لضمان التفاهم بشأن التنازلات الأمريكية ومراقبة تنفيذها. 

كما ينبغي أن يشمل الاستعداد العسكري تعزيز قدرات الدفاع المدني والعسكري في تايوان دون استغلال الجزيرة كذريعة للانفصال، ما يعزز الردع ويحد من التوترات المستقبلية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

"خضوع" غير مسبوق.. كيف هزت "ثورة ترامب" موازين السلطة داخل صندوق النقد الدولي؟

من شأن هذا الترتيب أن يسمح للولايات المتحدة بالصمود أمام الضغوط الداخلية من الكونغرس لدعم تايوان بشكل أحادي، ويتيح للصين فرصة لتجنب أي استفزاز يؤدي إلى نزاع مباشر. 

وإذا التزمت الأطراف بضبط النفس، فقد يكون من الممكن مرور عام 2027 دون حوادث كبيرة، مؤسسًا استقرارًا جديدًا في غرب المحيط الهادئ يعزز الأمن والازدهار الإقليمي.

ويمثل اجتماع ترامب وشي فرصة نادرة لاختبار قدرة القوى الكبرى على ضبط التصعيد في منطقة حساسة، وتجنب تحول النزاع إلى حرب شاملة قد تكون عواقبها كارثية. 

وإذا نجح الطرفان في صياغة ضمانات فعالة، قد تُصبح تايوان مثالاً نادرًا على إدارة التوترات عبر الحوار والردع المتوازن، بدلاً من الاعتماد على القوة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC