كشفت زيارة المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى إسرائيل ملامح مرحلة جديدة في علاقة برلين بتل أبيب؛ إذ بات الدعم الألماني مشروطًا بإجابات واضحة حول سلوك الحكومة الإسرائيلية ومستقبل الحرب وسياساتها في غزة.
ورغم أن زيارة ميرتس، التي تعد الأولى إلى إسرائيل، جاءت بعد 7 أشهر من التوترات، فإنها تبدو في ظاهرها لترميم ما تهشّم خلال الأشهر الماضية، لكنها أعادت تسليط الضوء على فجوة تتسع بهدوء بين الطرفين، بعد أن وجدت برلين نفسها تحت ضغط داخلي وخارجي لتفسير استمرار دعمها غير المحدود لإسرائيل في ظل الانتقادات الدولية المتزايدة، بحسب "فايننشال تايمز".
ويرى محللون أن ميرتس، الذي حاول الموازنة بين حساسية العلاقة التاريخية وبين التحولات المتسارعة في الموقف الألماني، بدا وكأنه يتحرك فوق خطوط حمراء سياسية وأخلاقية؛ إذ حمل رسائل صريحة حول ضرورة ضبط إسرائيل عملياتها العسكرية واحترام القانون الدولي، مقابل استمرار المساعدات والدعم الدبلوماسي الألماني إليها.
وفي الوقت نفسه، لم يقدّم ميرتس دعوة لنتنياهو لزيارة ألمانيا، في مؤشر على أن برلين لم تعد مستعدة للانصياع الكامل لتوقعات إسرائيل دون مراجعة للسلوك السياسي والعسكري؛ خصوصًا أن سَلفَي ميرتس، أولاف شولتز وأنجيلا ميركل، زارا إسرائيل في غضون 3 أشهر من توليهما المنصب، بينما استغرق ميرتس 7 أشهر لترتيب زيارته الافتتاحية.
ووسط هذه المعادلة، تظل مسألة الحل السياسي في المنطقة، بما في ذلك دعم حل الدولتين، محورًا حساسًا يربط بين الالتزامات الأخلاقية لألمانيا والمصالح الإستراتيجية للأمن الإقليمي.
ويتوقع مراقبون أن تكون العلاقة بين برلين وتل أبيب دخلت مرحلة اختبار حقيقي لمعادلة "الدعم غير المشروط"، حيث أصبح مقياس العلاقة قائمًا على الشفافية والالتزام بالقوانين الدولية، وليس فقط على التاريخ المشترك أو الأواصر الأمنية؛ ما يفتح باب تساؤلاتٍ حول قدرة ألمانيا على الحفاظ على موقف متوازن في ظل تغيّر المزاج السياسي الأوروبي وتصاعد ضغط الرأي العام على الحكومة الألمانية.