logo
العالم

السلاح مقابل المال.. هل حوّل ترامب حرب أوكرانيا إلى "مشروع اقتصادي"؟

دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي- أرشيفيةالمصدر: رويترز

لم تعد المساعدات الأمريكية مجرد التزام سياسي أو أخلاقي تجاه حليف مهدد، بل أضحت وفق ما قاله الرئيس دونالد ترامب مصدرًا للأرباح.

وفي وقت تتباهى فيه واشنطن بأنها تقود الجهود الدولية لإنهاء النزاع، تبدو تصريحات ترامب وكأنها اعتراف بأن استمرار الحرب ينعش الاقتصاد الأمريكي أكثر مما يرهقه.

وكان الكونغرس الأمريكي حتى سبتمبر 2025، قدّم ما يقرب من 175 مليار دولار كمساعدات لأوكرانيا، بينها 106 مليارات وجهت مباشرة لحكومة كييف، منها 69.8 مليار دولار مساعدات عسكرية منذ 2014، و33.3 مليار لدعم الموازنة، و2.8 مليار إنسانية.

ووفق بيانات معهد كيل للاقتصاد العالمي، فإن إجمالي ما قدم منذ بدء الحرب الروسية في 2022 بلغ 123 مليار دولار، استحوذت المساعدات العسكرية على 56% منها، وهذه الأموال لم تكن مجرد تحويلات مالية، بل عقود بمليارات الدولارات لصناعة السلاح الأمريكية، من بطاريات باتريوت و"هيمارس" إلى دبابات "أبرامز" والطائرات المسيرة.

وقبل أيام، قال ترامب إن الولايات المتحدة تجني أموالًا من الحرب في أوكرانيا بسبب بيع عتادها العسكري، مضيفًا أنه لا يريد الربح من الحرب، لكنه يقر بوجوده، وأن الناتو هو من يمول الحرب بشراء الأسلحة الأمريكية، لا دافعو الضرائب الأمريكيون. 

وفي السياق، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية الدكتور سمير أيوب، إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن جني الولايات المتحدة أرباحًا من الحرب الدائرة في أوكرانيا تعكس واقعًا فعليًا، موضحًا أن واشنطن لا تكتفي ببيع الأسلحة، بل تحقق مكاسب أكبر من خلال تصدير الطاقة والمواد الحيوية التي كانت أوروبا تعتمد على روسيا في الحصول عليها.

من المستفيد من الحرب؟

وأشار أيوب لـ"إرم نيوز" إلى أن الاتفاق القائم بين إدارة ترامب والدول الأوروبية يقوم على تزويد أوكرانيا بالسلاح عبر الولايات المتحدة، على أن تتحمل أوروبا سداد التكاليف، وهو ما يدر أرباحًا ضخمة على الصناعات العسكرية الأمريكية. 

وأوضح أيوب أن الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب تعد المستفيد الأكبر من استمرار الصراع، لامتلاكها القدرة على إطالة أمد الحرب أو الدفع نحو تسويتها وفقًا لما ترى أنه يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية. 

وأضاف أن "ترامب رجل صفقات، ولا يخفي ذلك، ويدعي الأسف على الضحايا من الطرفين، لكنه في الواقع لا يكترث كثيرًا بالخسائر البشرية، سواء في أوكرانيا أم في غزة، التي تستمر الولايات المتحدة في دعم العمليات العسكرية فيها".

وأشار أيوب، إلى أن ترامب، خلال زيارته الأخيرة إلى لندن، أظهر تناقضًا واضحًا في سياساته، إذ دعا حلفاءه الأوروبيين إلى فرض عقوبات على الصين والهند بسبب استيرادهما النفط الروسي، في حين يحرص هو على الحفاظ على علاقات قوية مع البلدين، بل ويُبدي فخره باتصاله المباشر بالرئيس الصيني. 

واعتبر أن هذه الازدواجية تعكس سعي ترامب لاستغلال الوضع الدولي لخدمة الاقتصاد الأمريكي، قائلًا: "يريد من أوروبا التضحية بعلاقاتها الدولية، بينما يحتفظ هو بشبكة علاقات تضمن له تدفق الأرباح والسيطرة على الأسواق".

أخبار ذات علاقة

أعلام دول الاتحاد الأوروبي

بين مطرقة الصين وسندان روسيا.. هل ينجح ترامب في ابتزاز أوروبا بالعقوبات؟

خطة مارشيل لإعمار أوكرانيا

وحول إمكانية إنهاء الحرب، قال أيوب: "حتى في حال قرر ترامب وقف الصراع، فإن الولايات المتحدة ستستثمر ذلك سياسيًا واقتصاديًا، من خلال فرض خطة شبيهة بـ"مارشيل" لإعادة إعمار أوكرانيا، بما يضمن للشركات الأمريكية النصيب الأكبر في مشاريع الإعمار، إلى جانب استغلال الثروات والمعادن النادرة في الأراضي الأوكرانية".

من جانبه قال الأكاديمي والدبلوماسي المتخصص في شؤون أوروبا الشرقية الدكتور ياسين رواشدي، إن تصريح ترامب بأن الولايات المتحدة "تجني أموالًا" من الأسلحة التي تقدمها لأوكرانيا يبدو متناقضًا وغريبًا للوهلة الأولى، خاصة أنه صادر عن رئيس يُفترض به أن يكون زعيمًا للعالم الغربي وقائدًا لحلف الناتو الداعم لكييف في مواجهة موسكو.

وأوضح رواشدي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذا التصريح يكشف أن ترامب قد يكون مستفيدًا من استمرار الحرب، رغم إعلانه المتكرر عن رغبته في وقفها، حيث وصفها بأنها "حمام دم" و"عملية قتل عبثية". 

وأكد أن ترامب أراد برسالته أن يؤكد للداخل الأمريكي أن بلاده لا تقدم السلاح مجانًا، بل تحصل على مقابل مادي، في ظل تصاعد الانتقادات الداخلية بشأن إنفاق مليارات الدولارات في حرب طويلة لم تحقق نتائج ملموسة منذ نحو عامين، إذ لا تزال الجبهات تشهد حالة جمود مع تقدم طفيف في بعض المحاور.

صفقات ترامب الاقتصادية

وأشار رواشدي إلى أن ترامب يتعامل مع الأزمات الدولية بعقلية رجل الأعمال الذي يرى كل شيء بمنطق الصفقات، وهو منظور لا يتناسب مع تعقيدات العلاقات الدولية.

وأكد رواشدي أن إدارة الأزمات الدولية لا تشبه المعادلات التجارية المبسطة، بل تتطلب أحيانًا تقديم تضحيات لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى، مشيرًا إلى أن التاريخ يزخر بأمثلة لدول قدمت خسائر جسيمة مقابل مكاسب استراتيجية لاحقة.

وأضاف أن تصريحات ترامب تكشف عن "رؤية أحادية وسطحية" في فهم القضايا العالمية، وأن هذا النهج جعله حتى الآن عاجزًا عن تحقيق اختراقات ملموسة في السياسة الخارجية، رغم تكراره الادعاء بأنه قادر على إنهاء النزاعات العالمية ويستحق جائزة نوبل للسلام. 

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

وقف أسلحة لتايبيه وصفقات مع بكين.. هل بدأ ترامب بـ"بيع" تايوان؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC