logo
العالم

بين مطرقة الصين وسندان روسيا.. هل ينجح ترامب في ابتزاز أوروبا بالعقوبات؟

أعلام دول الاتحاد الأوروبيالمصدر: غيتي إيمجز

اعتبر خبراء أن المساومة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الاتحاد الأوروبي تكشف عن لعبة سياسية واقتصادية معقدة، قد تغير ملامح العلاقات عبر الأطلسي. 

فبينما يشترط ترامب وقف واردات النفط الروسي وفرض رسوم جمركية قاسية على الصين مقابل تعاونه في الضغط على موسكو، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه عالقاً بين الحاجة للحفاظ على جبهته الموحدة ضد روسيا، والخوف من انهيار اقتصاده المعتمد على التجارة مع بكين.

بدوره، قال الباحث الفرنسي دومينيك مويزي، المستشار الخاص في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إن ترامب يستخدم الورقة الصينية للضغط على أوروبا أكثر من رغبته الفعلية في مواجهة روسيا. 

وأضاف مويزي، لـ"إرم نيوز": "ترامب بارع في تحويل أزمات الآخرين إلى أدوات تفاوض. بالنسبة له، روسيا ليست الخطر الأكبر، بل الصين. لذلك، يحاول جرّ أوروبا إلى صراع تجاري يخدم الولايات المتحدة اقتصاديا".

أخبار ذات علاقة

علما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة

بخطط جماعية وأخرى منفردة.. أوروبا تطرق الأبواب للتحرر من "قبضة ترامب"

ومن جهتها، رأت الباحثة الفرنسية فرانسواز نيكولا، مديرة مركز آسيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن موقف ترامب تجاه الصين لا ينسجم مع مصالح أوروبا. وأضافت لـ"إرم نيوز": "الصين تمثل 21% من واردات الاتحاد الأوروبي".

وأشارت إلى أن فرض رسوم جمركية بنسبة 100% سيكون انتحاراً اقتصادياً لدول مثل ألمانيا. أوروبا تحاول التوفيق بين مواجهة روسيا والحفاظ على علاقاتها مع بكين، لكن ضغوط ترامب قد تفاقم الانقسامات داخل الاتحاد نفسه”.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استعداده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تشديد العقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن بشرط أن تتوقف دول حلف الناتو عن استيراد النفط الروسي وأن تفرض رسوماً جمركية تتراوح بين 50% و100% على الصين.

في المقابل، يخطط الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع لاقتراح عقوبات تستهدف المزيد من الشركات الصينية المتهمة بدعم آلة الحرب الروسية، في إطار حملة دبلوماسية لإقناع ترامب بممارسة ضغط أكبر على موسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

ترامب يربط فرض عقوبات أوروبية على الصين بإنهاء الصراع في أوكرانيا

ورغم أن بروكسل تناقش إضافة شركات صينية جديدة إلى قائمة العقوبات ضمن الحزمة التاسعة عشرة المنتظرة، فإن هذه الخطوة تظل أقل بكثير مما يطالب به ترامب.

وأظهرت تجارب سابقة أن إدراج شركات صينية لم ينجح في إرضاء الرئيس الأمريكي، بحسب مجلة "بولتيكو" الأمريكية في نسختها الفرنسية.

وفي اتصال مع أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، تحدث ترامب عن الرسوم الجمركية، بينما اكتفت فون دير لاين بالإشارة إلى أن العقوبات المقبلة ستستهدف “العملات الرقمية، والقطاع المصرفي، والطاقة”، دون ذكر الصين.

ويعتقد عدد من دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي أن ترامب ينصب لهم فخاً، إذ يخشون أن تكون شروطه غير القابلة للتنفيذ مجرد وسيلة لعرقلة التحرك ضد روسيا وإلقاء اللوم على الأوروبيين.

وقال أحد مسؤولي الاتحاد: "جزء من رسالته منطقي، لكن الجزء الآخر مجرد اختلاق أعذار لعدم فعل أي شيء”. وآخر أضاف: “ترامب يضع شروطاً يعلم أنها مستحيلة، ليبرر لاحقاً تقاعسه".

وفي اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع الأسبوع الماضي، أبدت أوروبا تحفظاً تجاه مطالب ترامب بفرض رسوم على الصين، رغم التوافق على ضرورة الضغط على روسيا ودعم أوكرانيا، إذ يفضل الأوروبيون عقوبات دقيقة تستهدف الشركات بدلاً من رسوم جمركية شاملة.

لكن الرسوم التي يقترحها ترامب قد تؤدي إلى تضخم هائل يضرب أوروبا، بينما يستفيد الاقتصاد الأميركي عبر زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال. بدوره، اعتبر وزير الطاقة الليتواني، زيغيمانتاس فايشيوناس، أن واشنطن تستغل نقاط ضعف أوروبا لتحقيق مكاسبها الجيوسياسية.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

"ظلم كبير".. ترامب يعلق على تغريم الاتحاد الأوروبي لـ"غوغل"

وشددت المفوضية الأوروبية على أنها تعمل منذ ثلاث سنوات على تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية. ومع ذلك، يبقى الأوروبيون مشككين في نوايا ترامب، ويتساءلون إن كانت هذه مجرد محاولة لتحميلهم مسؤولية استمرار الحرب.

اقتصادياً، يرى كثير من المسؤولين الأوروبيين أن وقف التجارة مع الصين والهند مستحيل. أحد الدبلوماسيين قال: "من دون الصين والهند سنغرق. ماذا سيبقى منا؟".

كما أن الانقسامات داخل الاتحاد حول شدة العقوبات على بكين ما زالت قائمة، فبينما تدعو ألمانيا إلى الحذر بسبب اعتمادها على السوق الصينية، تضغط دول مثل بولندا والدنمارك لتبني نهج أكثر صرامة.

في النهاية، يبدو أن بروكسل ستميل نحو عقوبات أكثر دقة عبر فرض قيود على صادرات شركات صينية تزود روسيا بتكنولوجيا عسكرية، رغم إدراكها أن هذه الشركات تعاود الظهور تحت أسماء جديدة، ما يجعلها معركة بلا نهاية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC