logo
العالم

عززت الردع في الكاريبي.. واشنطن توجه رسالة لمادورو بالذخيرة الحية

طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-35Bالمصدر: القوات الجوية الأمريكية

في وقتٍ تتزايد فيه التوترات بين  واشنطن وكاراكاس، نفذت الطائرات المقاتلة الأمريكية تدريبات بالذخيرة الحية في البحر الكاريبي، في خطوة تُعدّ الأوضح حتى الآن لإظهار الجاهزية العسكرية الأمريكية في مواجهة فنزويلا.

التدريبات التي أجرتها طائرات من طراز AV-8B هارير وطائرات F-35B الشبحية، جاءت بإشراف القيادة الجنوبية الأميركية (SOUTHCOM)، التي تتولى الإشراف على العمليات العسكرية في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، بحسب صحيفة "نيوزويك".

وأظهر الفيديو الذي نشرته القيادة مقاتلات البحرية الأمريكية تُطلق ذخائر حية من على متن سفينة الهجوم البرمائية يو إس إس إيوجيما، إحدى أبرز السفن المخصصة لعمليات الإنزال البحري ونقل القوات.

وفي مشهد يحمل رسائل ردع واضحة، ظهرت الطائرات وهي تُسقط قنابلها على أهداف بحرية، فيما شوهدت السفينة نفسها ترسو في سانت توماس، بجزر فيرجن الأمريكية — أي على مرمى حجر من السواحل الفنزويلية.

أخبار ذات علاقة

وزير خارجية كوبا

كوبا تحذر من "أجندة خفية".. هل أشعلت أهداف روبيو الشخصية البحر الكاريبي؟

ورغم أن وزارة الدفاع الأمريكية تصف هذه التحركات بأنها جزء من عمليات مكافحة المخدرات، إلا أن التوقيت والرمزية الجغرافية لا يدعان مجالاً للشك بأن واشنطن تُرسل تحذيرًا مباشرًا إلى نظام الرئيس نيكولاس مادورو.

 استراتيجية "الضغط متعدد المستويات" ضد فنزويلا

تزامنت هذه التحركات العسكرية مع تصريحات نارية من البيت الأبيض، إذ أعلن الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة في "صراع مسلح مع عصابات المخدرات"، التي وصفها بأنها "مقاتلون غير شرعيين"، وهي عبارة تحمل دلالات قانونية تتيح للبنتاغون استخدام القوة العسكرية دون الحاجة لإعلان حرب رسمية.

وتأتي هذه الخطوة في سياق سياسة أوسع تتبناها إدارة ترامب تقوم على الضغط الأقصى ضد فنزويلا. فإلى جانب العقوبات الاقتصادية الصارمة والعزلة الدبلوماسية، تسعى واشنطن إلى محاصرة نفوذ مادورو العسكري والإقليمي من خلال إظهار حضور عسكري قوي في محيطه المباشر.

وفقًا لمصادر في وزارة الدفاع الأمريكية، تشارك في هذه العمليات مجموعة مهام بحرية تضم السفن يو إس إس سان أنطونيو ويو إس إس فورت لودرديل، إلى جانب الوحدة البحرية الاستكشافية الثانية والعشرين، وهي وحدة متخصصة في العمليات البرمائية يمكنها تنفيذ مهام هجومية أو إنقاذية خلال وقت قصير.

أخبار ذات علاقة

فنزويلا

الكاريبي في قلب العاصفة.. هل يقود حصار واشنطن لمادورو إلى حرب إقليمية؟

وفي موازاة ذلك، نشرت القوات الجوية الأمريكية صورًا لطائرات F-35B وهي تهبط في مطار بورتو ريكو في 13 سبتمبر/أيلول لدعم مهام القيادة الجنوبية؛ هذا النوع من الطائرات الشبحية، القادر على الإقلاع العمودي والمناورة في المناطق الساحلية الضيقة، يمثل عنصرًا حاسمًا في أي مواجهة محتملة قصيرة الأمد.

رسائل استراتيجية متعددة الاتجاهات

من الناحية المعلنة، تندرج هذه التحركات ضمن إطار مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، إلا أن المتابعين للشأن الأمريكي اللاتيني يدركون أن البعد السياسي يتجاوز بكثير الهدف المعلن.

تُعد فنزويلا منذ سنوات نقطة خلاف رئيسة بين واشنطن وعدد من العواصم اللاتينية، خصوصًا مع تصاعد النفوذ الروسي والصيني داخل البلاد، ودعم موسكو وكراكاس المتبادل في ملفات الطاقة والدفاع.

وبالتالي، فإن استعراض القوة الأمريكي لا يُرسل رسالة إلى مادورو فحسب، بل أيضًا إلى خصوم واشنطن الدوليين الذين يسعون إلى توسيع حضورهم العسكري في نصف الكرة الغربي.

ويرى مراقبون أن استخدام مصطلحات مثل "صراع مسلح" و"مقاتلين غير شرعيين" يهدف إلى تهيئة الرأي العام الأمريكي لمرحلة جديدة من العمليات شبه العسكرية في البحر الكاريبي، على غرار ما شهدته المنطقة خلال الثمانينيات في حملات مكافحة المخدرات التي استُخدمت لتبرير وجود دائم للأسطول الأمريكي الرابع.

أخبار ذات علاقة

ترامب خلال متابعته تدريباً عسكرياً للجيش الامريكي

ترامب يضع مادورو نصب عينيه.. هل يتحول الكاريبي إلى ساحة حرب؟

أما داخل فنزويلا، فتُقابل هذه التحركات الأمريكية بتصعيد إعلامي وتحركات عسكرية رمزية من جانب الجيش الفنزويلي، الذي أعلن عن مناورات دفاعية في المناطق الساحلية الشمالية، في محاولة لإظهار الاستعداد لأي “عدوان خارجي”، على حد وصفه.

رغم أن واشنطن تؤكد أن وجودها في الكاريبي "ردعي وغير تصعيدي"، إلا أن الخط الفاصل بين الردع والاستفزاز أصبح هشًا؛ فكل خطوة أمريكية في البحر الكاريبي قد تُقابل برد فعل فنزويلي أو حتى بخطوات من حلفائها الروس والصينيين، ما يجعل احتمالات الانزلاق إلى مواجهة غير مقصودة قائمة دائمًا.

وفي الوقت ذاته، تُظهر إدارة ترامب استعدادًا متزايدًا لاستخدام القوة العسكرية كأداة تفاوضية — سواء في ملف المخدرات أو في مواجهة الأنظمة المناوئة لها في نصف الكرة الجنوبي.

إنّ تدريبات الذخيرة الحية ليست مجرد تدريب عسكري، بل إعلان صريح بأن واشنطن تريد استعادة السيطرة على مجالها الاستراتيجي التاريخي في الكاريبي.

وبينما تُراقب كاراكاس التطورات بحذر، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الولايات المتحدة تحقيق أهدافها دون إشعال مواجهة جديدة في أميركا اللاتينية؟

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC