logo
العالم

فرنسا على أعتاب ثورة دفاعية.. التكنولوجيا الكمية "ستزلزل" قواعد اللعبة العسكرية

فرنسا على أعتاب ثورة دفاعية.. التكنولوجيا الكمية "ستزلزل" قواعد اللعبة العسكرية
وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنوالمصدر: أ ف ب
12 يونيو 2025، 3:41 م

في وقتٍ تزداد فيه الحروب تعقيدًا وتصبح التكنولوجيا السلاح الأقوى، أطلقت فرنسا تحذيرًا إستراتيجيًا من العيار الثقيل، وذلك بالثورة الكمية المقبلة، التي ستقلب موازين القوى العسكرية عالميًا. 

ولم يترك وزير الجيوش  الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، مجالًا للشك بأن التأخر عن ركب هذه التكنولوجيا، قد يترك فرنسا في موقع ضعف أمام قوى لا تنتظر أحدًا.

أخبار ذات علاقة

لحظة وصول ماكرون إلى سنغافورة

فرنسا وسنغافورة توقعان اتفاقا لتعزيز التعاون في مجالي الطاقة والدفاع

خطة بـ250 مليون يورو 

وأعلن لوكورنو عن خطة وطنية مخصصة لتقنيات الكم في المجال الدفاعي، تتضمن تمويلًا قدره 250 مليون يورو، ومحورين رئيسين للعمل.

وحذّر بأن فرنسا لا يمكنها أن تفوّت هذه الفرصة التاريخية، في ظل التحولات العميقة التي تلوح في الأفق.

وفي ختام مؤتمر "فرانس كوانتوم"، أطلق الوزير تحذيرًا صارمًا، إذ شدّد على أن التقدم الهائل والرهانات الضخمة المرتبطة بصعود الذكاء الاصطناعي، حتى في المجال العسكري، لا يجب أن يحجب ثورة موازية لا تقل أهمية: الثورة الكمية.

فالتكنولوجيا الكمية، التي تتعامل مع الظواهر على المستوى دون الذري، تعد من منظور وزارة الجيوش ثورة علمية قد تغيّر قواعد الدفاع العسكري، بنفس مستوى التحول الذي أحدثه السلاح النووي أو الذكاء الاصطناعي.

وأكد لوكورنو أن هذه التكنولوجيا تُعامل بتجاهل نسبي رغم أهميتها الإستراتيجية القصوى، قائلًا: "لا نتحدث كثيرًا عن الكم، ولكن ما سيعنيه الكم عمومًا، خاصة في المجال العسكري، سيُحدث هزة قوية".

وفي هذا السياق، قال الضابط السابق في الاستخبارات الفرنسية، والباحث السياسي في القضايا الجيوسياسية والعسكرية، جان-برنار بيناتيل، إن إعلان فرنسا عن خطة دفاعية للكم بـ 250 مليون يورو خطوة جريئة، لكنها ضئيلة جدًا مقارنة بالرهانات الكبرى.

وأضاف بيناتيل، لـ"إرم نيوز"، أنه "لن تحل نصف ثورة دفاعية بمثل هذا المبلغ.. فرنسا تخوض سباقًا تكنولوجيًا إستراتيجيًا حاسمًا ضد أمريكا والصين، والمحور يجب أن يكون أبطأ صعودًا".

وأوضح أن "الحرم الجامعي والمختبرات ستكون ذات قيمة فقط إذا تم تحويلها إلى مركبات إنتاجية سريعة.. لا وقت الآن للهدر، كل تأخير يكلفنا الردع النووي وكفاءة درعنا البحري والجوي".

منظومة الردع البحرية

ومن تجربته العسكرية، يُدرك بيناتيل أن غواصات الردع النووي تعتمد بالكامل على التخفي، وأن أي تقنية كمية تكشف الكتل المعدنية تحت البحر ستجعل هذه الغواصات عرضة للرصد الدقيق.

ولذلك يشبه بيناتيل هذا التهديد بـ"زلزال دفاعي في أعماق المحيطات. إن لم نملك طرقاً مضادة، سنخسر أول ركن من أركان الردع الإستراتيجي الفرنسي".

تشكيل المفاهيم الدفاعية

وضرب الوزير لوكورنو مثالًا مقلقًا، قائلًا: "حين نتحدث عن قدرة على كشف كتل معدنية تحت البحر، لا حاجة لأن أشرح ما يعنيه ذلك من تهديد مباشر لعدد من عملياتنا أو حتى تمركزاتنا الدفاعية، بما في ذلك أكثرها سرّية وحساسية".

ويُلمّح تصريح الوزير إلى الركيزة البحرية في إستراتيجية الردع النووي الفرنسية، التي تعتمد على التخفي الكامل للغواصات، ولكن مع إمكانية الرصد الكمي، يصبح هذا التفوّق مهددًا.

ويُنظر إلى الكم كـ"مغير لقواعد اللعبة" لثلاثة أسباب رئيسة: أجهزة استشعار كمية قادرة على كشف ما هو غير مرئي، وحاسبات كمية تحلّ ما كان، سابقًا، مستحيلًا حسابيًا، واتصالات كمية توفر أمانًا فائقًا، مثل مشروع الشبكة السيادية الفضائية IRIS².

خطة الكم الدفاعي 

ولم يكن الحدث مجرد خطاب، بل منصة لإطلاق خطة دفاعية متكاملة للكم من قلب محطة F في باريس.

هذه المبادرة التي تديرها المديرية العامة للتسلح (DGA) تهدف إلى تسريع وتيرة الابتكار الكمي في الدفاع الفرنسي.

أولًا، بدءًا من سبتمبر/أيلول العام 2025، سيتم إنشاء حرم جامعي متخصص لتجميع الخبراء والعسكريين والشركات الناشئة والجامعات والصناعيين والمستثمرين، في بيئة محفزة لتبادل الأفكار.

والحرم سيتوزع على عدة مواقع، أبرزها مدرسة الهندسة، على أن يكتمل بحلول عام 2027.

والهدف من وراء ذلك، تحليل التهديدات والفرص، وتكييف بنية النظام الدفاعي مع قدرات الحوسبة الكمية.

ثانيًا، سيتم إنشاء مختبر خاص بالحوسبة الكمية تحت إشراف وكالة الابتكار الدفاعي التابعة لـ DGA، لتقييم وتطوير قدرات الكم للاستخدام العسكري.

ويُنتظر تشغيل المختبر بحلول نهاية عام 2025، حيث سيُستخدم في تحديد القدرات المستقبلية الممكنة، وإجراء تجارب إثبات المفهوم، ومقارنة الأداء مع الحوسبة التقليدية، والتعاون مع مؤسسات بحثية دولية مرموقة.

ورغم كل هذه الخطط، فإن فرنسا ليست وافدة جديدة إلى عالم الكم، إذ تستثمر "DGA" في المجال منذ 20 عامًا، وتدعم حاليًا عدة مشاريع بارزة.

أخبار ذات علاقة

53680f89-6f0f-49bc-b450-e57064545788

وزير الجيوش الفرنسي: قوة "الرد السريع" قد تبصر النور العام المقبل

 خطوة أولى

وخصصت الخطة الدفاعية الكمية تمويلًا قدره 250 مليون يورو للأعوام 2024–2030، ضمن إطار قانون البرمجة العسكرية.

ورغم أن الرقم يبدو متواضعًا مقارنة بحجم التغيير الذي يلوّح به الوزير الفرنسي، إلا أنه قد يُعد مجرد بداية.

ومع تصاعد الحديث عن رفع ميزانية الدفاع إلى 3–5% من الناتج المحلي الإجمالي (مقارنة بـ2% حاليًا)، قد تُضخ استثمارات أكبر في هذا المجال.

لكن التحدي قائم، فرفع الميزانية العسكرية وسط عجز عام في الميزانية الفرنسية يبدو معادلة شبه مستحيلة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC