مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
العالم

من التمرد المؤقت إلى الحكم الفعلي.. كيف أحكمت "إم 23" قبضتها على شرق الكونغو ؟

عناصر من حركة إم 23 المصدر: رويترز

في أعماق شرق الكونغو، قرب روتشورو، يجلس مئات الأشخاص في صفوف داخل قاعة خشبية، ليس لتعلم القتال، بل لتلقينهم مهارات إدارة الدولة.

وبإشراف حركة تمرد إم 23، تُدرَّب هذه الأعداد لتصبح العمود الفقري البيروقراطي لإدارة موازية تمتد عبر مناطق شمال وجنوب كيفو؛ بينما تتحدث العواصم الغربية عن وقف إطلاق النار واتفاقيات السلام، يبني المتمردون ما هو أكثر ديمومة: دولة بحكم الواقع، وفق مجلة "Modern Diplomacy".

من التمرد المؤقت إلى سلطة مستدامة

شهدت حركة إم 23 خلال العام الماضي تضاعف قواتها المسلحة ثلاث مرات، واستحوذت على ممرات حدودية استراتيجية بين أوغندا ورواندا وبوروندي وبحيرة تنجانيقا.

أخبار ذات علاقة

روجر لومبالا زعيم حركة متمردي إم 23 الكونغولية

اغتصاب واستعباد.. فرنسا تعاقب زعيم متمردي الكونغو بالسجن 30 عاماً

وقد أقامت نظامًا إداريًا يشمل تعيين حكام ورؤساء بلديات، ونصب قادة مجتمعيين موالين لها، وإصدار تأشيرات عند المعابر الحدودية، متجاهلة الوثائق الرسمية الصادرة عن الدولة المركزية في كينشاسا.

كما تركز الحركة على التلقين السياسي، مثل تدريب المدنيين والمسؤولين المحليين على سردية جديدة للكونغو، تبرز إخفاقات العاصمة وفضائل الحركة في الانضباط والتضحية والحكم الرشيد. 

كما يخضع المجندون العسكريون لنفس العملية مثل تفكيك هوياتهم السابقة وإعادة تشكيلها وفق شعارات الحركة مثل "التدمير، البناء، الثقة".

دولة موازية بلا اعتراف

تجمع السيطرة على الحدود، والمحاكم الموازية، والأنظمة الضريبية، وتجنيد المدنيين والمقاتلين في بنية تشبه الدولة؛ ولا تحتاج حركة إم 23 إلى اعتراف رسمي لممارسة سلطتها، إذ تحكم الواقع بشكل مستقل عن العاصمة.

وسياسيًا، تقدم الحركة مشروعها على أنه إصلاح وليس انفصالًا؛ حيث تدعو لإعادة تنظيم الكونغو إلى دولة اتحادية مع استقلال أكبر للأقاليم، وهو خطاب يسمح لها بتبرير السيطرة على الأراضي بالقوة كخطوة نحو اللامركزية، بدلًا من تصويرها احتلالًا.

أخبار ذات علاقة

عناصر من حركة 23 مارس

أحدث هجوم بالكونغو.. "إم23" تعلن أسر مئات الجنود البورونديين

والأكثر تأثيرًا هو أن الحركة باتت تتحكم في موارد طبيعية حيوية. مناجم شمال وجنوب كيفو، أبرزها منجم روبايا للكولتان، تمنحها إيرادات كبيرة لدعم قواتها وإدارتها، بعيدًا عن المانحين الدوليين أو كينشاسا؛ وهذا يخلق سيادة مالية فعلية تتيح للحركة تمويل نفسها وتثبيت سلطتها.

الضغوط الغربية المزدوجة

بينما تنفي رواندا دعمها، تستمر الحركة في الاستفادة من شبكة نفوذ دولية تضمن استمرارية أعمالها. 

لم تغيّر العقوبات على بعض المسؤولين الواقع؛ حيث يظل شرق الكونغو تحت إدارة موازية تمتلك مقومات البقاء الطويل، سواء خلال محادثات السلام أو بعدها.

ولا تسعى حركة إم 23 فقط إلى مقعد على طاولة المفاوضات، بل إلى ترسيخ وجودها الاقتصادي والسياسي والإداري في شرق الكونغو. 

السلام على الورق قد يكون قائمًا، لكن على الأرض، الدولة الفعلية تبقى تحت سيطرة المتمردين، مع قدرة على الصمود إلى أجل غير مسمى.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC